ولا يخفى أنّه لا يجري في كلّ شهرة ؛ لأنّ مراتبها مختلفة ، فربّ شهرة ضعيفة لا يحصل منها ظنّ أصلا ، ولا تصلح للتأييد فضلا عن أن يحصل منها العلم ، أو ظنّ يكون حجّة.
نعم ، قد تكون الشهرة قويّة ، بحيث يحصل معها قوّة الظنّ وتصلح للترجيح ، بل ربّما بلغت حدّا يكون حجّة.
نعم ، إذا كان المخالف قليلا ، فإنّه يمكن أن يحصل الظنّ القويّ بدخول قول المعصوم في مثل هذه الشهرة ، إلاّ أنّها تكون عندنا إجماعا ؛ لعدم مخالفة النادر فيه ، كما عرفت (١).
وأمّا الثاني ؛ فلتبادر الظنّ إلى أنّ الخطأ من القليل أظهر منه من الكثير ؛ ولما ورد من قولهم عليهمالسلام : « خذ المجمع عليه بين أصحابك » ؛ فإنّ الظاهر منه المشهور بقرينة قوله عليهالسلام : « واترك الشاذّ النادر » (٢).
ثمّ الحقّ ، أنّ الشهرة مطلقا تصلح للتأييد والترجيح ، سواء كانت من المتقدّمين أو المتأخّرين ، وشهرة المتقدّمين وإن كانت أقوى نظرا إلى قرب عهدهم بالحجج عليهمالسلام وتمكّنهم من تحصيل القرائن ، ولكنّ الشهرة بين المتأخّرين أقوى ؛ نظرا إلى أنّ دقّتهم أكثر.
وما قيل : إنّ كلّ شهرة حصلت بعد زمن الشيخ لا عبرة بها ولا يحصل منها ظنّ ؛ لأنّ المتأخّرين عنه قلّدوه في الأحكام التي عمل بها (٣) ، في غاية الضعف ؛ لأنّ مخالفتهم له أكثر من مخالفة القدماء بعضهم لبعض ، كما لا يخفى على المتتبّع.
وإذا عرفت الحقّ ، فكيفيّة التفريع ظاهرة.
فصل [١٣]
لا يشترط في حجّيّة الإجماع أن يبلغ عدد المجمعين عدد التواتر.
أمّا عندنا ؛ فلأنّ المعتبر كلّ عدد حصل منه العلم بدخول قول الإمام عليهالسلام كائنا ما كان.
__________________
(١) في ٣٦٧.
(٢) الفقيه ٣ : ١٠ ، ح ٣٢٣٦ ، وتهذيب الأحكام ٦ : ٣٠١ ، ح ٨٤٥ ، ووسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٦ ، أبواب صفات القاضي ، الباب ٩ ، ح ١.
(٣) حكاه الشيخ حسن عن والده في معالم الدين : ١٧٦.