وأمّا العامّة ، فأكثرهم على ذلك أيضا. وجوّزه بعضهم (١).
واحتجّ الأكثر بأنّ خطأهم في مسائل لا يخرجهم عن الاجتماع على الخطأ ، وهو منفيّ عنهم. وهذا بناء (٢) على أخذهم اللام في « الخطأ » للجنسيّة. وهذا اعتراف منهم بعدم خلوّ عصر من مصيب في كلّ الأحكام من حيث لا يشعرون ؛ لضرورة جواز أن يكون كلّ واحد منهم مخطئا في مسألة ، والآخر في اخرى (٣) لولاه.
وحجّة المجوّزين : أنّ المتبادر من الخبر المشهور نفي اجتماعهم على خطأ واحد ، وهو مبنيّ على أخذهم اللام في « الخطأ » للعهد.
فصل [١٦]
لا يجوز الاحتجاج بالإجماع فيما يتوقّف صحّته عليه ؛ لأنّه دور ، ويجوز في غيره إذا كان دينيّا وفاقا ، سواء كان من الأحكام الشرعيّة ، أو العقليّة كالوحدة وحدوث الأجسام. وإن كان دنيويّا ، كتدبير الجيوش وترتيب امور الرعيّة وأمثالهما ، فالظاهر جواز التمسّك به فيه ، وحرمة المخالفة ، وفاقا للمرتضى (٤) وبعض العامّة (٥). أمّا عندنا ، فظاهر. وأمّا عندهم ، فلعموم الأدلّة.
وذهب الإماميّة إلى حجّيّة إجماع الأديان السابقة وجواز التمسّك به لأهلها (٦) ، ووافقهم من العامّة (٧) من أثبت حجّيّته بالعقل ، وخالفهم من أثبتها بالسمع ؛ للتخصيص المفهوم من قوله : « امّتي » ومن ظواهر أخر. وهو على ما اخترناه يحتاج إلى نكتة ، فتأمّل.
__________________
(١) قاله الفخر الرازي في المحصول ١ : ٢٠٦ ، والأسنوي في نهاية السؤل ٣ : ٣٢٩ و ٣٣٥.
(٢) خبر « هذا » أي هذا مبنيّ.
(٣) في « ب » : « الاخرى ».
(٤) الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ١٤٣.
(٥) منهم : الفخر الرازي في المحصول ٤ : ٢٠٦ ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ١ : ٣٤٦ ، ونسبه إلى قاضي عبد الجبّار في أحد قوليه أيضا.
(٦) راجع نهاية الوصول إلى علم الأصول ٣ : ٢٧٣.
(٧) حكاه الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ١ : ٣٤٦ وفصّله وقال : « لا فائدة في بيانه ». فتركه بلا رأي فيه.