ولا يعلم أنّ زوال هذا الاعتبار يستلزم زواله أم لا؟
والحقّ : أنّ الاستصحاب يجري في كليهما (١) ، فما لم يعلم طهارة الثوب على الوجه المعتبر شرعا يستصحب حكم النجاسة فيه ، وكذا يستصحب وجوب الاجتناب عن الإناءين.
هذا ، ولا فرق بين المواضع التي يجري فيها الاستصحاب بين أن يكون الحكم الثابت فيها أوّلا حكما شرعيّا أو وضعيّا ، وأن يكون المشكوك فيه وجود المزيل القطعي ، أو كون الحاصل قطعا مزيلا ، أم لا.
الصنف الثالث : ما لا شكّ في عدم إمكان جريان الاستصحاب فيه ، وهو أيضا على قسمين :
أوّلهما : أن يعلم ثبوت حكم شرعي أو وضعي في وقت خاصّ ، أو حالة خاصّة ، بحيث يكون للزمان والحالة مدخل فيه ، فلا يجري الاستصحاب فيما بعدهما.
وهذا القسم إمّا أن يتجدّد الحكم فيه بتجدّدهما ، كالصلاة ومثلها ، فيمكن إجراؤه فيه من جهة دون اخرى ، أو لا ، كوجوب الحجّ عند الاستطاعة.
وثانيهما : أن يعلم ثبوت حكم في وقت لم يسبقه وقت آخر يثبت فيه هذا الحكم.
[ الأمر ] الرابع : احتجّ الأكثر (٢) بوجوه أربعة :
[ الوجه ] الأوّل : استفاضة الأخبار بأنّ اليقين لا ينقض بالشكّ (٣). وأكثرها يدلّ على عدم نقض مطلق اليقين بالشكّ ، فيثبت منها حجّيّة الاستصحاب في الصنف الأوّل من الموارد ، سواء كان في الحكم الشرعي أو الوضعي ، وفي نفسه ، أو موضوعه ، أو متعلّقه.
[ الوجه ] الثاني : أنّ شغل الذمّة اليقينيّ يحتاج إلى البراءة اليقينيّة وفاقا ، وهو أيضا يدلّ على حجّيّته فيما ذكر.
والحقّ ، أنّهما لا يدلاّن على حجّيّته في الصنف الثاني.
أمّا الأوّل ؛ فلأنّ المراد من عدم نقض اليقين بالشكّ أنّه عند التعارض لا ينقض به.
__________________
(١) أي القسمين من الصنف الثاني.
(٢) أي القائلين بحجّيّة الاستصحاب.
(٣) راجع : الكافي ٣ : ٣٥١ ، باب السهو في الثلاث والأربع ، ح ٣ ، وتهذيب الأحكام ١ : ٨ ، ح ١١.