الصورتين إلاّ استصحاب الزوجية في الاولى وعدمها في الثانية.
وهذا الدليل أيضا يدلّ على جريانه وحجّيّته في كلّ ما دلّ سابقه على جريانه وحجّيّته فيه ، سوى ما لا تعلّق له بالحكم الشرعي (١) ؛ وربّما منع دلالته على جريانه في الصنف الثاني أيضا ؛ لأنّ الجزئيّات الصادرة من الشارع ليست منه ، كما يفصح عنه التتبّع.
وقد استدلّ للأكثر بوجوه أخر (٢) ، أعرضنا عنها ؛ لظهور ضعفها.
وبما ذكر ظهر أنّ الوجوه الأربعة تدلّ على حجّيّة الاستصحاب في الصنف الأوّل مطلقا ، سواء كان في نفس الحكم الشرعي ، أو موضوعه ، أو متعلّقه ، أو في الحكم الوضعي ، فيكون حجّيّته فيه قطعيّة ؛ لتعاضدها ، وإفادة بعضها القطع كالثاني ، بل الأوّل أيضا عند التحقيق. والثالث يدلّ على حجّيّته في الصنف الثاني أيضا.
ولعدم إفادته أكثر من ظنّ لا ينتهض مؤسّسا لحكم شرعي يكون حجّيّته فيه ظنّيّة تصلح للتأييد لا غير ، فثبت ما اخترناه وانفسخ باقي المذاهب.
ثمّ بعض من قال بحجّيّته في الصنف الأوّل استثنى منه استصحاب حكم الإجماع في موضع النزاع وقال بعدم حجّيّته ؛ محتجّا بأنّ كلّ دليل يضادّه نفس الخلاف فلا يمكن استصحابه معه ، والإجماع يضادّه نفس الخلاف ؛ إذ لا إجماع مع الخلاف ؛ إذ المخالف لا يسلّم شمول الإجماع محلّ الخلاف ، بخلاف النصّ والعموم ودليل العقل ؛ لأنّ الخلاف لا يضادّه (٣) ؛ فإنّ المخالف قائل بأنّ العموم مثلا يتناول موضع الخلاف لكن يقول : أخصّه بدليل ، فإن لم يأت بالدليل يستصحب العموم (٤).
والجواب : أنّ هذا يدلّ على عدم بقاء نفس الإجماع ، ونحن لا نستدلّ به ، بل باستصحاب حكمه ، وقد ثبت حجّيّته من عموم الأدلّة.
وهو الجواب عمّا قيل إنّ استصحاب حكمه إن كان بنصّ أو عموم فهو الدليل لا
__________________
(١) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ١٣٤ ، والمحقّق الحلّي في معارج الاصول : ٢٠٧ ، والفاضل التوني في الوافية : ٢٠٨.
(٢) راجع : نهاية السؤل ٤ : ٣٥٨ ، والفوائد الحائريّة : ٢٧٧ ، الفائدة ٢٧.
(٣) أي كلّ واحد.
(٤) قاله الغزالي في المستصفى : ١٦٠.