الاستصحاب ، أو بالإجماع ، فلم يجز المخالفة ، وهو خلاف الإجماع (١).
وعمّا يستدلّ في بعض المسائل بأنّ هذا الحكم ثابت بالإجماع ، والإجماع إنّما هو إلى هذا الوقت الخاصّ ، ولا (٢) دليل عليه فيما بعده ، فلا يكون الحكم فيما بعده ثابتا.
ثمّ إنّ هذا الدليل إنّما يتمّ إذا كان ثبوت الحكم المجمع عليه محدودا إلى وقت خاصّ ، وإذا كان مطلقا غير محدود ، فكيف يجدي تحقّق الخلاف لنفيه؟! بل للخصم أن يقول : الإجماع حينئذ يحرّم الخلاف ، فكيف يرتفع بالخلاف؟!
والحقّ : أنّ ثبوته إن كان مطلقا ولم يطرأ ما يوقع الشكّ في شموله لموضع النزاع ، حرم الخلاف ، وإن طرأ ذلك لم يحرم الخلاف للوفاق ، ولكن لا ريب حينئذ في جواز التمسّك بالاستصحاب وحجّيّته ؛ لما أشرنا إليه.
هذا ، وما لا تعلّق له بالحكم الشرعي كرطوبة الثوب ونحوها إن أمكن أن يصير منشأ لحكم شرعي بالعرض ، فلا ريب في جريان الاستصحاب وحجّيّته فيه ؛ لدلالة الأدلّة المذكورة عليه ، وإلاّ فلا يجري فيه ؛ لعدم دلالة غير الثالث حينئذ على جريانه فيه.
أمّا الثاني والرابع ، فظاهر. وأمّا الأوّل ؛ فلأنّه يبعد أن يكون مرادهم بيان ما لا مدخليّة له بالحكم الشرعي أصلا. والثالث وإن دلّ على ذلك إلاّ أنّك قد عرفت حاله ، مع أنّه لا فائدة في بيان حجّيّة مثله ؛ لعدم تعلّق غرض علميّ به. وهذا ما يقال إنّ الاستصحاب في الامور الخارجيّة لا عبرة به ، ولا فائدة فيه.
احتجّ من أنكر حجّيّته مطلقا بأنّ دليل الحكم إمّا أن يدلّ على ثبوته في الوقتين ، فلا استصحاب. أو على ثبوته في الوقت الأوّل فقط ، فالتسوية بينهما فيه تؤدّي إلى إثبات الحكم (٣) بغير دليل ؛ لأنّ ثبوت الحكم في وقت أو حال لا يتناول ما عداه ، وهو باطل.
وبأنّ حجّيّته تقتضي أولويّة بيّنة النفي على بيّنة الإثبات ؛ لاعتضادها به ، مع أنّها لا تسمع.
__________________
(١) المصدر : ١٦١.
(٢) في « ب » : « فلا ».
(٣) في « ب » : « حكم ».