فصل [٧]
وممّا عدّ من النوع الثاني التلازم. ويقال له : الملازمة ، واللزوم ، والاستلزام أيضا.
وتنقيح البحث عنه يتوقّف على بيان امور :
[ الأمر ] الأوّل : التلازم نسبة بين شيئين مصحّحة للحكم باستصحاب أحدهما الآخر في الصدق الواقعي أو التقديري ، فصدقها لا يستلزم صدقهما ، بل قد تصدق بين كاذبين نحو « إن كان زيد حمارا ، كان ناهقا » ، أو بين كاذب وصادق على أن يكون الملزوم كاذبا نحو « إن كان زيد حمارا ، كان حيوانا » دون العكس ، وإلاّ لزم صدق الكاذب وكذب الصادق ؛ لاستلزام كذب اللازم كذب الملزوم ، وصدق الملزوم صدق اللازم. وهذا في الملازمة الكلّيّة الدائمة ، وهي أن يكون تقدير صدق الملزوم فيه مستلزما لصدق اللازم في جميع الأزمان على جميع الأوضاع. دون الجزئيّة ، وهي أن يكون ذلك في بعض الأزمان ، أو بعض الأوضاع ؛ فإنّه يجوز صدقها بين صادق وكاذب ؛ لجواز أن يكون صدق الملزوم على بعض الأوضاع ، وصدق الملازمة الجزئيّة على بعض الأوضاع الأخر ، فلا يلزم المحذوران.
فإنّا إذا قلنا : « إذا كان الشيء حيوانا كان ناطقا » ، يصدق الملزوم ، وهو كون الشيء حيوانا على بعض الأوضاع وهو وضع الفرسيّة مثلا ، ويكذب اللازم وهو كونه ناطقا ، وحينئذ يكذب الملازمة ، إلاّ أنّها صادقة على بعض الأوضاع الأخر ، وهو وضع الإنسانيّة ، وإن لم يكن الملزوم حينئذ صادقا ، ولذا لا ينتج الجزئيّة في القياس الاستثنائي ، وليس فيها كثير فائدة في المقاصد العلميّة.
[ الأمر ] الثاني : التلازم إمّا شرعي ، كتلازم القصر والإفطار في الصلاة والصوم المستفاد من قوله عليهالسلام : « إذا أفطرت قصّرت ، وإذا قصّرت أفطرت » (١). وإمّا عقلي ، كتلازم الأمر بشيء والنهي عن ضدّه ، والأمر بالشيء والأمر بمقدّمته ، وغير ذلك من الملازمات العقليّة الثابتة
__________________
(١) الفقيه ١ : ٤٣٧ ، ح ١٢٧١ ، بتقديم قصّرت وأفطرت في الفقرتين.