فبالاستقراء ، وهو أنّا تتبّعنا فوجدنا [ أنّ ] كلّ ما لا يصحّ الوضوء بدونه ، لا يصحّ التيمّم بدونه وبالعكس. وكذا وجدنا التلازم بين صحّة الوضوء وصحّة التيمّم طردا وعكسا ، فيثبت المطلوب بالطرد ، ويتقوّى بعكسه وبالتلازم بين الصحّتين طردا وعكسا. ويرجع أيضا إلى الدوران. وقد تقرّر بأنّ انتفاء أحد الأثرين يوجب انتفاء المؤثّر فينتفي الأثر الآخر. أو يقال : قد انتفى أحد الأثرين ، فيلزم انتفاء الأثر الآخر ؛ للزوم انتفاء المؤثّر. وربّما يمنع التلازم هنا ؛ لعدم حجّيّة الاستقراء ، أو لعدم تماميّته هنا.
[ المثال ] الثالث : كالمباح وعدم الحرمة.
[ المثال ] الرابع : بالعكس. ويقرّر (١) التلازم فيهما بثبوت التنافي بين المباح والحرمة.
وقد ظهر ممّا تقدّم أنّ ثبوته فيهما بما ذا ، وتقوّيه بما ذا.
تذنيب
الدوران هو ترتّب الشيء على الشيء الذي له صلوح العلّيّة وجودا ، كترتّب الملك على الهبة (٢) ، أو عدما ، كجواز الصلاة بالنسبة إلى الطهارة (٣) ، أو معا ، كوجوب الرجم على الزنا. ويسمّى الأوّل دائرا ، والثاني مدارا.
وهو أخصّ مطلقا من الملازمة المطلقة ، أي الشاملة للكلّية والجزئيّة ، والواقعة بين الحكمين والمفردين ؛ لعدم انفكاك الدوران عن مطلق اللزوم ؛ لأنّ بين كلّ شيئين حتّى النقيضين ملازمة جزئيّة ، فضلا عن المتداورين ، وصدقها بدونه في استلزام وجود المعلول وجود علّته (٤).
وقد حكم جماعة بأنّ بينهما عموما وخصوصا من وجه ، وهم بين من خصّ الملازمة بالكلّيّة الحكميّة (٥) ، ومن خصّها بالكلّيّة حكميّة كانت أو لا (٦) ، ومن خصّها بالحكميّة كلّيّة
__________________
(١) في « ب » : « تقرّر التلازم ».
(٢) لأنّه عند انتفاء الهبة لا ينتفي الملك ؛ فلعلّه حصل لسبب آخر.
(٣) لأنّ عدم الصلاة وبطلانها يترتّب على عدم الطهارة ، وأمّا وجودها لا يترتّب على وجودها.
(٤) استلزام وجود المعلول لوجود العلّة يختصّ بمقام الإثبات والاستدلال الإنّي دون الثبوت.
(٥) قاله الأسنوي في نهاية السؤل ٤ : ١٢٣. ونسبه أيضا إلى أصحاب الرأي.
(٦) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٣٣٠. ونسبه أيضا إلى المحقّقين وبعض الاصوليّين.