كانت أو جزئيّة (١) ، فافتراقه عنها عند الأوّل في صورتين :
الاولى : أن يكون الدائر والمدار فيها مفردين.
والثانية : أن يكون ترتّب الدائر على المدار فيها أكثريّا لا كلّيّا دائميّا ، كالإسهال بالنسبة إلى شرب السقمونيا. وعند الثاني في الثانية. وعند الثالث في الاولى.
ومواضع اجتماعهما وافتراقها عنه على كلّ من التقادير الثلاثة ظاهرة.
وقد يأتي للدوران زيادة بيان في بحث القياس (٢).
فصل [٨]
وممّا عدّه بعضهم من النوع الثاني (٣) الاستقراء ، وهو الحكم على الطبيعة الكلّيّة بما وجد في جزئيّاتها (٤). وحاصله الاحتجاج بالجزئي على الكلّي.
وهو إمّا تامّ إن كان ما ثبت للكلّي حاصلا لجميع الجزئيّات ، وهو القياس المقسّم ، كقولنا : كلّ جسم إمّا حيوان أو نبات أو جماد ، وكلّ منها متحيّز ، فكلّ جسم متحيّز ، وهو يفيد اليقين.
أو غير تامّ إن لم يكن حاصلا لجميعها ، وهو لا يفيد اليقين ، بل إمّا يفيد الظنّ إن كان حاصلا لأكثرها ، كالحكم على كلّ زنجيّ بأنّه أسود ، وهذا الظنّ يتفاوت بتفاوت الأكثريّة ، فيتّصل أحد طرفيه باليقين والآخر بالشكّ ، أو لا يفيد الظنّ أيضا إن لم يكن حاصلا لأكثرها.
وإذا عرفت ذلك تعلم أنّ القسم الأوّل ينتهض حجّة ودليلا في الشرعيّات وغيرها ، إلاّ أنّ وجود مثله فيها نادر. والثالث لا يصلح للتأييد فضلا عن الحجّيّة فيهما ، وهو ظاهر. والثاني لا ينتهض دليلا قاطعا ؛ لجواز أن يخالف حال ما لم يوجد حال ما وجد ؛ إذ لا تعلّق بينهما ؛ ولاختلاف موارد الأحكام ، فلا يلزم من ثبوتها لبعض الأعيان ثبوتها في الباقي ، ولكن بعض موارده الذي يفيد غلبة الظنّ يصلح للحجّيّة ، وغيره يصلح للتأييد والتقوية.
__________________
(١) قاله العلاّمة في تهذيب الوصول : ٢٥٧.
(٢) يأتي في ص ٤٤٥.
(٣) أي ما يعتمد عليه وينتهض دليلا لإثباته وقد تقدّم في ص ٣٨٦.
(٤) قاله الأسنوي في نهاية السؤل ٤ : ٣٧٧.