ثمّ لا يخفى أنّ تحديد القياس على ما تقدّم (١) ، وعدّ أركانه أربعة بناء (٢) على ما استقرّ عليه آراء الاصوليّين من ابتناء بحثهم في كتبهم على اصطلاح الفقهاء في الأصل والفرع ، ولو بنينا على اصطلاح غيرهم ، تغيّرت الحدود وتناقضت الأركان ، فعلى اصطلاحهم أيضا يدور رحى البحث في كتابنا هذا.
فصل [٤]
اعلم أنّ للقياس تقسيمات باعتبارات في كتب القوم ، وبعضها يرد على أقسام بعض آخر ، فيدخل بعض الأقسام تحت بعض الأقسام الأخر. وربّما بقي تقسيم لم يرد على أقسام باقي التقسيمات ، فيبقى بعض الأقسام غير داخل تحت بعض الأقسام الأخر ، ولا مدخول عليه. وربّما اشتبه بعض الأقسام بغيره ولم يكن هو. وربّما كان بعضها عين بعض آخر عند التأمّل. وقد يرى المخالفة بينهم في تفسير بعضها ولا يعلم الصواب.
وربما سمّوا بعض الأقسام المختلفة باسم واحد ولم يتعرّضوا للتبيين والتمييز (٣). وقد يصرّحون بأنّ هذا القسم ممّا أثبت حجّيّته العامّة والخاصّة كلاّ أو بعضا ، وذاك القسم ممّا تفرّد بإثبات حجّيّته العامّة ، فربّما اشتبه حينئذ على غير الماهر أنّ غيرهما من الأقسام ـ كلاّ أو بعضا ـ هل يدخل في هذا أو ذاك ، أو لا يدخل في شيء منهما؟
وربّما كان ترتيب بحثهم على ما لا ينبغي ، واستدلالهم غير معلوم المحلّ ، فجاء بحث القياس في مصنّفاتهم مختلّ النظام ، غير مضبوطة الأقسام (٤).
فلتفصيل ما أجملوه وتبيين ما أهملوه لا بدّ لنا أوّلا من ضبط التقاسيم ، وحصر الأقسام وتعريفها ، والإشارة الإجماليّة إلى أنّ أيّا من الأقسام يدخل تحت أيّ منها ، وأيّا منها يبقى غير داخل ، ولا مدخول عليه.
__________________
(١) تقدّم في ص ٤٣٥.
(٢) خبر ومرفوع.
(٣) في « ب » : « للتبيّن والتميّز ».
(٤) راجع : الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ١٩١ ـ ١٩٦ ، والمعتمد ٢ : ١٩٥ ـ ٢٠٠ ، والمحصول ٥ : ٥ ـ ٢٠ ، والإحكام في أصول الأحكام ٤ : ١٠٨ ـ ١١٠ ، ومعارج الاصول : ١٨٢ ، ونهاية السؤل ٤ : ٥٣ ـ ٥٩ ، والوافية : ٢٣٦ ـ ٢٣٩.