بأحدهما في بعض العبادات ، أو الإيقاعات ، أو العقود دون الآخر.
وإن كان النزاع فيه في إفادة أصل المعنى فقط ، أو في مادّة منوطة به فقط ، فلا شبهة في الجواز مطلقا ، ولا مانع منه عقلا وشرعا ولغة ؛ لأنّ المقصود إذا كان إفادة المعنى ـ وهو يحصل بكلّ واحد من اللفظين ـ فأيّ مانع من وقوع أحدهما مقام الآخر؟
والقول بأنّهما إذا كانا من لغتين فلا يجوز ؛ للزوم اختلاط اللغات ، ولأنّ أحدهما بالقياس إلى لغة الآخر مهمل ، فلا يفيد ما أفاده (١).
يرد عليه أنّ الاختلاط ليس فيه مفسدة ؛ لأنّ المدلول واحد ، وأهل لغة إذا كانوا عارفين بلغة اخرى ، فلا تكون تلك اللغة مهملة عندهم.
ويتفرّع عليه جواز رواية الحديث بالمعنى المتعارف ؛ لأنّ المقصود من ألفاظ الحديث إفادة أصل المعنى فقط ، مع أنّ الجواز عندنا منصوص (٢).
ويتفرّع عليه أيضا عدم انعقاد العقود بالصيغ غير العربيّة ؛ لإمكان حصول التعبّد بالعربيّة فقط ، وإن أمكن أن يقال : انعقاد العقود منوط بما يفيد أصل معنى العقد فقط ، وحينئذ يتّجه الانعقاد. فتأمّل.
المشترك : لفظ وضع لمعان متعدّدة ، ولا شبهة في وقوعه ، كالقرء للطهر والحيض ، والعين لمعانيها المعروفة ، ووقع في القرآن أيضا كـ ( ثَلاثَةَ قُرُوءٍ )(٣) و ( عَسْعَسَ ) كـ « أقبل » و « أدبر » (٤).
وخلاف جماعة في الموضعين (٥) شاذّ ؛ ودليلهم غير ملتفت إليه.
ثمّ إنّ القوم اختلفوا في جواز استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنى واحد وعدمه.
__________________
(١) هذا القول والتعليل للبيضاوي في المصدر.
(٢) الكافي ١ : ٥١ ، باب رواية الكتب والحديث ، ح ٢ و ٣.
(٣) البقرة (٢) : ٢٢٨.
(٤) المصباح المنير : ٤٠٩ ، « ع س س ». والآية في سورة التكوير (٨١) : ١٧.
(٥) نسبه الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ١ : ٤٢ ، وابن الحاجب إلى المحقّقين في منتهى الوصول : ١٨.