فصل [٧]
التنبيه والإيماء ما لزم مدلول اللفظ. فكلّ لفظ كان التعليل لازما من مدلوله ، كان دالاّ على العلّيّة بالتنبيه والإيماء. وله مراتب :
منها : ما دخل فيه « الفاء » في لفظ الشارع أو الراوي.
وفي الأوّل إمّا أن يدخل على الحكم وتكون العلّة متقدّمة ، كقوله تعالى : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا )(١) ، و ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا )(٢) ، وقوله عليهالسلام : « من أحيا أرضا ميتة فهي له » (٣) ، و « ملكت نفسك فاختاري » (٤).
أو على العلّة ويكون الحكم متقدّما ، كقوله عليهالسلام : « زمّلوهم بكلومهم ودمائهم ، فإنّهم يحشرون وأوداجهم تشخب دما » (٥).
والثاني مثل : « سها فسجد » (٦) و « زنا ماعز فرجم » (٧). وهو يختلف في الدلالة على التعليل بحسب اختلاف حال الراوي فقها وورعا. وهو دون الأوّل ؛ لاحتمال الغلط.
وقيل : الشقّ الأوّل من الأوّل أقوى من الثاني منه ؛ لأنّ إشعار العلّة بالمعلول أقوى من العكس ؛ للزومه دونه (٨).
وفيه نظر يطلب من محلّه ، مع أنّه ما قيل في بيانه لا يجري في العلل الشرعيّة.
ثمّ دلالة « الفاء » على التعليل لمّا لم تكن وضعيّة بل استدلاليّة ؛ لأنّها لمّا كانت للتعقيب فيلزم منه العلّيّة ؛ إذ معنى كون الوصف علّة أن يثبت الحكم عقيبه ، فيكون التعليل لازم مدلوله ، فدلالتها عليه إيمائيّة. وبذلك يظهر غفلة من عدّها من مراتب النصّ على التعليل (٩).
__________________
(١ و ٢) المائدة (٥) : ٣٨ و ٦.
(٣) الكافي ٥ : ٢٨٠ ، باب في إحياء أرض الموات ، ح ٦ ، والفقيه ٣ : ٢٤٠ ، ح ٣٨٨٠.
(٤) الكافي ٦ : ١٨٨ ، باب المكاتب ، ح ١٣. باختلاف.
(٥) كنز العمّال ٤ : ٤٢٩ ، ح ١١٢٥٤ ، وبحار الأنوار ٧٩ : ٧ ، ح ٦ باختلاف.
(٦) صحيح البخاري ١ : ٤١٢ ، ح ١١٧٠ و ١١٧١ ، وسنن أبي داود ١ : ٢٦٤ ، ح ١٠٠٨ ، وصحيح مسلم ١ : ٤٠٣ ، ح ٩٧ / ٥٧٣.
(٧) صحيح البخاري ٦ : ٢٥٠٢ ، ح ٦٤٣٨ ، وصحيح مسلم ٣ : ١٣١٩ ، ح ١٧ / ١٦٩٢ ، والإصابة ٣ : ٣٣٧.
(٨) قاله الفخر الرازي في المحصول ٥ : ١٤٧.
(٩) قاله العلاّمة في تهذيب الوصول : ٢٥٢.