غير منضبطة ؛ لكونها ذوات مراتب تختلف بالأزمان والأشخاص فانيط الحكم على لازمها المنضبط وهو السفر (١).
ومنها : أنّه ما يفضي إلى موافقة الغرض تحصيلا أو إبقاء. ويعبّر عن التحصيل بجلب النفع ، وعن الإبقاء بدفع الضرر (٢).
ومنها : أنّه ما لو عرض على العقول تلقّته بالقبول (٣) ، ولا يمكن إثبات مثله في المناظرة ؛ إذ للخصم أن يقول : لا يتلقّاه عقلي بالقبول ، وليس لغيره حينئذ إليه سبيل.
وهذه التعريفات الثلاثة متقاربة ، وهي لمن قال بتعليل الأحكام بالمصالح.
ومنها : أنّه الملائم لأفعال العقلاء في العادات (٤) ، كما يقال : الجمع بين هذا الثوب وهذه العمامة ملائم ، وهو لمن ينفي تعليلها بها.
فصل [١١]
للمناسب تقسيمات باعتبارات عند القائسين ، ونحن نشير إليها أوّلا ثمّ نثبت أنّ مطلق المناسبة لا يقتضي العلّيّة :
فمنها : تقسيمه باعتبار ثبوت المناسبة في الواقع وعدمه. وبهذا الاعتبار إمّا حقيقيّ وهو ما علم مناسبته من غير ظهور خلاف ، ومثاله ظاهر.
أو إقناعيّ وهو ما يظهر مناسبته ، ثمّ يظهر الخلاف عند البحث ، كتعليل الشافعيّة تحريم بيع الخمر والميتة والعذرة بالنجاسة ، وقياس الكلب عليها (٥).
ووجه المناسبة أنّ كونها نجسة يناسب إذلالها ، ومقابلتها بالمال في البيع إعزاز لها ، والجمع بينهما باطل. وجليل النظر وإن أثبت هذه المناسبة إلاّ أنّ دقيقه ينفيها ؛ لأنّ معنى
__________________
(١) ليس السفر لازما للمشقّة بل الأمر بالعكس. وما قاله في ص ٤٧٧ من أنّ المشقّة اللازمة للمسافر ، هو الصحيح.
(٢) قاله العلاّمة في تهذيب الوصول : ٢٥٣.
(٣) حكاه الفخر الرازي في المحصول ٥ : ١٥٨ عن أبي زيد الدبوسي ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٢٩٤.
(٤) حكاه الفخر الرازي في المحصول ٥ : ١٥٨ ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٢٩٦ ، والعلاّمة في مبادئ الوصول : ٢١٩ ، والأسنوي في نهاية السؤل ٤ : ٧٩.
(٥) راجع : الإفصاح عن معاني الصحاح ١ : ٢٧١ ، والمهذّب في فقه الشافعي ١ : ٣٤٧ ، وبداية المجتهد ٢ : ١٢٦ و ١٢٧.