والخمر بالاعتبار ، أي عدم ثبوت الحكم معهما ، بل اعتبر مجرّد المناسبة المستخرجة ، فيكونان من الأمثلة التقديريّة ولا بأس به ؛ لأنّ المثال لا يراد لنفسه بل للتفهيم.
هذا ، وأمّا النوع الثالث ـ وهو المناسب الملغى ـ فمثاله ما تقدّم من إيجاب صوم شهرين على الملك في كفّارة الصوم.
تذنيب
إن قلت : قد خرّجت من اعتبار الوصف في الحكم تسعا وأربعين صورة ، وجعلت المؤثّر منها ستّة عشرة (١) ، وهي التي ثبت فيها تأثير العين في العين ، والملاءم منها ثلاثة (٢) ، ففي أيّ صنف يدخل البواقي؟
قلت : ما عدا الستّة عشرة ـ وهو ثلاث وثلاثون صورة ـ من الملاءم المعتبر إن ثبت معها ترتيب الحكم على وفقه ، ومن الملاءم المرسل إن لم يثبت معها ذلك ، فإنّ الثلاث التي عدّت مع الترتيب المذكور من الملاءم المعتبر ، وبدونه من الملاءم المرسل تتناول أكثرها ، كما لا يخفى تفصيله. والخارج منها لا يخرج عن الصور الثلاث التي عدّها بعضهم أيضا من الملاءم (٣) ، وهي اعتبار النوع في النوع ، واعتباره في الجنس ، وبالعكس.
مثال الأوّل : الإسكار المعتبر في التحريم ؛ فإنّ الإسكار نوع واحد يجمع إسكار الخمر وإسكار النبيذ ، وهما صنفان ، والحكم التحريم ، وهو أيضا نوع واحد يجمع تحريم الخمر وتحريم النبيذ ، ونوع الإسكار معتبر في نوع التحريم بالنصّ وإن اعتبره الشارع في تحريم الخمر ؛ لأنّ اختلاف المحلّ لا يوجب اختلاف الحالّ.
ومثال الثاني (٤) : ما يقال : « الاخوّة من الأبوين مقتضية لتقدّم الولاية في النكاح » قياسا على اقتضائها للتقدّم في الميراث ، فالوصف ـ وهو الاخوّة ـ نوع واحد في الموضعين. والحكم الولاية وهو جنس يجمع ولاية الميراث وولاية النكاح ، وهما نوعان مختلفان ،
__________________
(١ و ٢) راجع النحو الوافي ٤ : ٥٠٨ وما بعد : إذا حذف التميّز ، لا يجب المخالفة في الجزء الأوّل. فكلمتا « ستّة » و « ثلاثة » ليستا بغلط ؛ إذ حذف عنهما التميّز.
(٣) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٣١٢.
(٤) أي اعتبار النوع في الجنس.