والجواب : أنّ إرادة الأفراد تقتضي الاكتفاء ببعضها إذا لم يكن باقيها مرادا ، وليس الأمر كذلك ؛ فإنّ معنى إرادة المجموع أنّه يقصد المجموع من حيث هو أوّلا ، ويقصد كلّ واحد من الأفراد ثانيا ، وإرادة الأفراد إن كان المراد (١) كلّ واحد منها بحيث لم يشذّ منها شيء ، فمعناه أنّه يقصد كلّ واحد منها أوّلا ، ويقصد المجموع من حيث هو ثانيا ، وإن كان المراد بعضها ، فمعناه أنّه يقصد هذا البعض دون بعض آخر.
واستدلّ من قال بالجواز مع كون الاستعمال مجازيّا بأنّ اللفظ المشترك موضوع لكلّ واحد من المعاني مع قيد الوحدة ، فالموضوع له مركّب من شيئين : المعنى ، وقيد الوحدة ، فإذا استعمل في المجموع يلزم إلغاء قيد الوحدة التي هي أحد الجزءين ، وإرادة الجزء الثاني فقط ، وهذا إطلاق للكلّ وإرادة الجزء ، فيكون مجازا (٢).
والجواب : منع كون الوحدة جزءا للموضوع له ، بل هي من عوارض الاستعمال ، فإنّ الواضع لم يضع لفظ « زيد » لهذا الشخص مع قيد الوحدة بأن يعتبره في الموضوع له ، بل عرض هذا بعد الوضع.
هذا ، مع أنّ العلاقة التي اعتبرها هذا القائل للمجازيّة ليست من العلاقات المعتبرة ؛ لأنّ علاقة الجزء والكلّ أن يطلق الكلّ على الجزء فقط ، أو بالعكس ، كأن يطلق الإنسان ـ مثلا ـ على رقبته فقط ، لا عليها وعلى شيء آخر كابنه مثلا ، وهنا اطلق الكلّ على الجزء وشيء آخر ؛ لأنّ الموضوع له المعنى وقيد الوحدة ، وبعد إلغاء قيد الوحدة يستعمل اللفظ في الكثرة ، فيتحقّق المعنى ـ الذي هو جزء الموضوع له ـ مع الكثرة التي هي شيء خارجي ، فكأنّه اطلق اللفظ على جزئه وعلى شيء آخر.
واستدلّ المانع في المفرد دون التثنية والجمع : بأنّهما في حكم تكرير المفرد ، فيتعدّد مدلولهما ، بخلاف المفرد.
وقد عرفت جوابه (٣).
__________________
(١) في « ب » : « والمراد من إرادة الأفراد إن كان » ، بدل : « وإرادة الأفراد إن كان المراد ».
(٢) تقدّم في ص ٤٥.
(٣) أي عدم كون الوحدة جزءا للموضوع له. وقد تقدّم آنفا.