واعلم أنّ ما صرّح به هذا القائل هو أنّه يجوز التعدّد عقلا ، ولا يجوز شرعا.
واستدلّ على عدم الجواز الشرعيّ بأنّه لو جاز شرعا لوقع ، ولو وقع لنقل ... إلخ (١).
وهذا كما ترى ليس عين ما نسبناه إليه اقتفاء للقوم ، بل ما يلزمه.
وإذا عرفت ذلك ، فيتفرّع عليه أنّ عدم العكس لا يقدح في العلّيّة.
وممّا يتفرّع عليه أنّه إذا صادف نذران زمانا واحدا ، كما لو نذر صوم سنة معيّنة ، ثمّ صادف بعض أيّامها نذر آخر ، أن يجزئ صومه عنهما على ما اخترناه. وعلى القول بعدم اجتماع العلل ، لصومه عن النذر الأوّل ويقضي الثاني.
ومثله ما لو قال : « لو قدم زيد فعليّ صوم يوم قدومه » ثمّ قال : « لو قدم عمرو فكذا » فقدما معا في يوم واحد.
ويتفرّع عليه أيضا حصول الحنث بحدث البول ـ مثلا ـ لو حلف أن لا يقع عنه في زمان كذا حدث.
ومن فروعه : ما لو حدث منه أحداث دفعة أو بالترتيب ، ثمّ نوى عند الوضوء رفع بعضها ، وفيه أقوال : ثالثها : يكفي إن نوى الأوّل ، ورابعها : عكسه ، وخامسها : إن نفى غير المنويّ لم يكف ، وإلاّ كفى (٢).
وعلى ما اخترناه لا يخفى حقيقة الحال ، إلاّ أنّ الأصحّ هنا أنّه يكفي مطلقا ؛ لأنّ المرتفع حكم الحدث وهو واحد وإن تعدّدت أسبابه.
وممّا فرّع عليه صدق المخبر الواطئ لامرأتين ، المغتسل عن الجنابة بأنّه لم يغتسل عن الوطء الثاني بناء على القول بأنّ المؤثّر هو الأوّل. وقس عليها أمثالها.
تتميم
هل يجوز عكس ما تقدّم (٣) ، وهو تعليل حكمين أو أحكام بعلّة واحدة؟
فيه تفصيل ، وهو أنّ الأحكام إمّا متماثلة ، أو متضادّة ، أو مختلفة غير متضادّة.
__________________
(١) قالهما ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١٧٦.
(٢) حكاها الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ٢٦٧ و ٢٦٨ ، القاعدة ٩٥.
(٣) تقدّم في ص ٥١٣.