وإن كان المراد منه عدم اطّرادها بالنسبة إليهما ـ أي وجودها بدونهما ـ فهو النقض ؛ لأنّ المراد منه وجود العلّة بدون الحكم ، سواء وجد معه عدم الحكمة أيضا أم لا.
والمراد من عدم انعكاسها هنا إن كان عدم انعكاسها بالنسبة إلى الحكمة فقط ـ أي وجود الحكمة مع الحكم بدون العلّة ـ فهو عدم العكس الأوّل ، أي المقابل للنقض ؛ لأنّ المراد منه وجود الحكم بدون العلّة ، سواء تحقّق معه وجود الحكمة أيضا أم لا.
وإن كان المراد منه عدم انعكاسها بالنسبة إليهما ـ أي وجود الحكمة بدون العلّة والحكم ـ فهو الكسر ؛ لأنّ المراد منه وجود الحكمة بدون الحكم ، سواء وجد معه عدم العلّة أيضا أم لا.
تذنيب
قيل : وممّا يبطل العلّيّة النقض المكسور ، وهو نقض بعض الأوصاف (١) ، سمّي به ؛ لأنّه بين النقض والكسر ، فكأنّ المعترض قال : الحكمة تحصل بهذا البعض وقد وجد في المحلّ بدون الحكم ، فهو نقض لما ادّعاه علّة باعتبار الحكمة.
مثاله : إذا قيل : صلاة الخوف صلاة يجب قضاؤها ، فيجب أداؤها كصلاة الأمن ، فيعترض عليه بأنّه منقوض بصوم الحائض ، فإنّ بعض صفات الصلاة ـ وهو كونها عبادة ـ موجود فيه ولم يوجد معه الحكم.
مثال آخر : ما يقال في بيع الغائب : مبيع مجهول الصفة عند العاقد حال العقد فلا يصحّ بيعه ، كما لو قال : بعتك عبدا ، فيقول المعترض : ينتقض بما لو تزوّج بامرأة لم يرها.
والحقّ أنّ مجرّد نقض بعض الأوصاف لا يبطل العلّيّة ؛ إذ العلّة هو المجموع ، ولا نقض عليه ؛ إذ عدم علّيّة الجزء لا يوجب عدم علّيّة الكلّ.
نعم ، إن بيّن عدم تأثير أحد الجزءين بكونه وصفا طرديّا ونقض الآخر ، بطلت العلّيّة ؛ لورود النقض حينئذ على ما هو العلّة ، كما إذا قيل : خصوصيّة الصلاة ملغاة ؛ لأنّ الحجّ
__________________
(١) حكاه الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٢٥٥ ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : ٢٦٠ ، والأسنوي في نهاية السؤل ٤ : ٢٠٤ و ٢٠٥.