وقيل : لا بدّ في حكم الأصل من إجماع إمّا مطلقا أو بين الخصمين ، وإلاّ أمكن منعه وهو يوجب انتشار الكلام وتسلسل البحث ، فينتفي مقصود المناظرة (١).
وجوابه لو لم يقبل ، لم يقبل كلّ مقدّمة يقبل المنع وهو باطل.
ومنها (٢) : أن يكون معلّلا بجامع معيّن ؛ لأنّ ردّ الفرع إليه إنّما يصحّ بذلك ، وقد علم مرارا أنّ طريق التعليل عند كلّ من الفريقين ما ذا.
ومنها : أن لا يتأخّر عن حكم الفرع ، كقياس الوضوء على التيمّم في وجوب النيّة بجامع العبادة ، والتيمّم متأخّر عن الوضوء ؛ لأنّه ثبت بعد الهجرة ، كذا قيل (٣).
واستدلّ عليه بأنّ حكم الفرع إمّا أن يكون ثابتا قبل ثبوت حكم الأصل ـ إمّا بدليل ، فهو المثبت له دون القياس ؛ أو بدونه ؛ فيلزم ثبوت الحكم بدون دليل ، وهو باطل ـ أو لا ، فيكون ذلك كالنسخ (٤).
وفيه نظر ؛ لأنّ تجدّد ثبوت حكم الفرع بشرع حكم الأصل إنّما يرفع عدم ثبوته ، وهو حكم عقلي ورفعه ليس نسخا ؛ لأنّ النسخ رفع حكم ثابت شرعي بدليل شرعي. فالحقّ أنّ هذا الشرط غير لازم.
فصل [١٨]
وللفرع أيضا شرائط :
منها : أن يساوي علّته علّة الأصل فيما يقصد فيه المساواة من عينها ، كالشدّة المطربة في الخمر ، الموجودة بعينها في النبيذ. أو جنسها ، كالجناية المشتركة بين القطع والقتل في قياس الأطراف على النفس في القصاص. هذا.
__________________
(١) حكاه الفخر الرازي عن البشر المريسي في المحصول ٥ : ٣٦٨ ، والأسنوي عن الكرخي والبشر المريسي في نهاية السؤل ٤ : ٣٢٠.
(٢) أي شرائط حكم الأصل.
(٣) حكاه الفخر الرازي عن جماعة في المحصول ٥ : ٣٦١ ، وفيه : « قالوا : يجب ... » ، وقاله العلاّمة في تهذيب الوصول : ٢٦٥.
(٤) قاله الفخر الرازي في المحصول ٥ : ٣٦١.