ركوب في أثنائها يحصل منهما فعل كثير ؛ قياسا على عدم بطلانها بالمشي في أثنائها ؛ لورود النصّ به خاصّة ، وجواز النيابة في الصلاة والاعتكاف عن الميّت مع أنّ الأصل امتناعها في الأفعال البدنيّة ؛ قياسا على جوازها في الصوم والحجّ والدعاء والصدقة.
فصل [٢٠]
الحقّ أنّه لا يصحّ القياس في الأسباب والشروط ، بأن يجعل وصف سببا أو شرطا لحكم قياسا على وصف آخر جعله الشارع سببا أو شرطا له ، خلافا لأكثر الشافعيّة (١). مثاله في الأسباب أن يقال : اللواط سبب للحدّ كالزنى ، والقتل بالمثقل سبب للقصاص كالقتل بالمحدّد.
لنا أنّ معنى قياس وصف الفرع على وصف الأصل في السببيّة أن يجعل سببا للحكم لتحصيل الحكمة المقصودة في الفرع كوصف الأصل ، وهو ـ أي وصف الفرع ـ لمّا اثبت بمجرّد قياسه على وصف آخر مغاير له ، اعتبره الشرع لتحصيل الحكمة ؛ إذ المفروض تغاير الوصفين من دون أن يعتبره الشرع سببا في محلّ معلّلا باشتماله على الحكمة ، فلا يشهد له أصل بالاعتبار ، فهو مناسب مرسل لا يعتبر.
ولنا أيضا : أنّه لا بدّ في وصف الأصل من وجود علّة لسببيّة ، وهي الحكمة المقصودة ، وهي إمّا توجد في وصف الفرع أو لا. فعلى الثاني لا يصحّ القياس ؛ لأنّه لا بدّ فيه من علّة جامعة ، والفرض أنّه لا علّة في الفرع.
وعلى الأوّل إمّا أن يكون قدر الحكمة الذي يتضمّنه المقيس مساويا للقدر الذي يتضمّنه المقيس عليه ، أو لا. فعلى الثاني لا يصحّ الجمع بينهما في الحكم ، أي السببيّة ؛ لأنّه يتوقّف على الجمع بينهما في العلّة ، والفرض اختلاف العلّة فيهما.
وعلى الأوّل إمّا أن يكون الحكمة المشتركة ظاهرة منضبطة ، أو لا.
فعلى الثاني إمّا أن يكون لها مظنّة أو وصف ظاهر منضبط يضبطها ، أو لا.
فإن كان ، فهو يستقلّ بإثبات الحكم المرتّب على الوصف ، فيتّحد الحكم والسبب ، ولا
__________________
(١) حكاه الآمدي عن الشافعيّة في الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٦٧ ، والأسنوي في نهاية السؤل ٤ : ٥٠.