فيه بصحّة أمانه ، فيقول المعترض : إذن العبد خلف عن الحرّيّة ، إمّا لأنّه مظنّة لبذل الوسع ، أو لعلم السيّد بصلاحيته. ولا ريب أنّ التعليل في الأصل الأوّل للمستدلّ ـ وهو المسلم العاقل الحرّ ـ بالباقي ـ أي الإسلام والعقل ـ على وضع (١) ـ أي مع الحرّيّة ـ وفي الأصل الآخر له ـ وهو العبد المأذون من سيّده ـ به (٢) على وضع آخر ، أي مع إذن السيّد. هذا.
وجواب تعدّد الوضع أن يلغي المستدلّ ما أبداه المعترض خلفا للملغى بإبداء صورة لا يوجد فيها الخلف أيضا ، فإن أبدى خلفا آخر ، فجوابه إلغاؤه. وعلى هذا يدور رحى بحثهما إلى أن يقف أحدهما. هذا.
وكما لا يثبت الإلغاء بما ذكر ، فكذا لا يثبت بضعف المعنى ـ أي الحكمة التي يتضمّنها المظنّة ، أو نفس المظنّة ـ إذا سلّم وجود هذه المظنّة ، وكونها مظنّة للحكمة. وحاصله أنّه بعد وجود المظنّة وكونها مظنّة لحكمة الحكم لا يستلزم ضعفها في صورة ، أو ضعف حكمتها الإلغاء.
مثاله أن يقال : تقتل المرتدّة كما يقتل المرتدّ بجامع الارتداد ، فيعترض بالرجوليّة ؛ لأنّها مظنّة الإقدام على القتال ، فيجيب المستدلّ بأنّ الرجوليّة وكونها مظنّة الإقدام لا يعتبر ، وإلاّ لم يقتل مقطوع اليدين ؛ لضعفهما فيه ، بل ضعفهما فيه أشدّ من ضعفهما في النساء. وإنّما لم يكف ذلك في الإلغاء ؛ لأنّه لمّا سلّم أنّ الرجوليّة مظنّة ، فلا يقدح ضعفها في صورة ، ولا ضعف حكمتها ؛ إذ المعتبر المظنّة وقد وجدت ، لا مقدار الحكمة ؛ لعدم انضباطها ، ولذا لا يمنع سفر الملك الترخّص في حقّه مع ضعف الحكمة ـ وهي المشقّة ـ بالترفّه ؛ لأنّ المناط مظنّتها ـ أي السفر ـ وهو موجود.
ولا يخفى أنّ جميع ما ذكر لمّا كان متفرّعا على المعارضة ، فهو يأتي على قواعد العامّة (٣) ، لا على قواعدنا.
__________________
(١) خبر لقوله : « أنّ التعليل ... ».
(٢) أي بالباقي.
(٣) راجع الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٩٧ ـ ١٠٥.