النوع الثالث عشر : سؤال التعدية وهو بيان وصف في الأصل عدّي إلى فرع مختلف فيه. وتوضيحه أن يعيّن المعترض في الأصل معنى ، ويعارض به ، ثمّ يقول للمستدلّ : ما علّلت به (١) وإن تعدّى إلى فرع مختلف فيه إلاّ أنّ ما علّلت به أيضا تعدّى إلى فرع آخر مختلف فيه ، فلا أولويّة لأحدهما.
مثاله : أن يقول الشافعي في إجبار البكر البالغة : بكر يجوز إجبارها كالبكر الصغيرة ، فيعترض الحنفي بالصغر ويقول : ما ذكرته وإن تعدّى به الحكم إلى البكر البالغة ، فما ذكرته قد تعدّى به الحكم إلى الثيّب الصغيرة.
والحقّ أنّه معارضة في الأصل مع زيادة التسوية في التعدية ، فليس سؤالا برأسه (٢) ، فجوابه جوابها.
الجنس الخامس : ما يتعلّق بالمقدّمة الثالثة
وهي كون العلّة موجودة في الفرع. وأنواعه خمسة :
[ النوع ] الأوّل : منع وجودها في الفرع. ومثاله مع جوابه ظاهر. وهو يتأتّى على قواعد الفريقين (٣) ، ووجهه ظاهر.
[ النوع ] الثاني : المعارضة في الفرع بما يقتضي نقيض الحكم فيه ، بأن يبدي وصفا آخر يقتضي نقيض حكم المستدلّ في الفرع. وإذا اطلقت المعارضة في مباحث القياس ، فالمراد منها هذه دون المعارضة في الأصل ؛ فإنّها تقيّد (٤). ولا بدّ للمعترض من بناء وصفه على أصل ، وإثبات علّيّته بطريق من طرقها ، فيصير المعترض مستدلاّ ، وبالعكس ، فينقلب وظيفتاهما.
والحقّ ، قبول هذا السؤال ؛ لأنّه لو لم يقبل ، اختلّ فائدة البحث ، وسدّ باب المناظرة ، ووجهه ظاهر.
__________________
(١) ما علّل به المستدلّ في المثال الآتي هو البكارة ، وما علّل به المعترض هو الصغر.
(٢) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ١٠٦.
(٣) راجع : الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ١٠٦ ، وتهذيب الوصول : ٢٦٥.
(٤) أي تقيّد بقوله : « في الأصل ».