منه المطلوب (١) ؛ لأنّه يجب (٢) حينئذ حمل الألفاظ المذكورة عند الإطلاق على معانيها المجازيّة الراجحة ، ولا يبقى نزاع في التفريع.
ثمّ لا يخفى أنّ فروع هذه القاعدة كثيرة ظاهرة ، وكيفيّة التفريع ظاهرة عليك بعد ما عرفت الحقّ فيها.
مسألة : النقل خلاف الأصل ؛ عملا باستصحاب الحال ، وهو حجّة ، كما سيجيء (٣) ، فلا بدّ في ثبوته من الدليل (٤). وقد وقع الخلاف في أنّ صيغ العقود والفسوخ والالتزامات ، كقول القاضي : « حكمت » هل نقلها الشارع من مدلولاتها اللغويّة ـ أعني الإخبار إلى إحداث حكم ، أعني الإنشاء ـ أم لا؟ فقيل (٥) بالأوّل ، وإلاّ لزم الكذب أو التسلسل. وقيل بالثاني ؛ للأصل (٦) واستعمالها في بعض الأحيان في كلام الشارع في الإخبار.
فعلى الأوّل يجب حمل جميع هذه الصيغ عند الإطلاق والشكّ على الإنشاء ، ولا يعتبر القصد أيضا.
وعلى الثاني على الإخبار ، ولا بدّ في حملها على الإنشاء من القرائن الحاليّة أو المقاليّة ، ويعتبر القصد حينئذ ، وإلاّ لم يحصل التميّز.
والحقّ : أنّ ما استدلّ به على القول الأوّل لا يفيد المطلوب ؛ لأنّه يمكن أن يكون استعمال الشارع بمعونة القرائن والقصد ، وكذا الحكم عندنا ، فلا يلزم كذب ولا تسلسل.
نعم ، يمكن أن يقال : قد حصل تبادر الإنشاء منها عند المتشرّعة ، فيجب أن يحمل في كلامهم عليه ، وحينئذ نحن لا نحتاج إلى القصد. ويمكن أن يطّرد حكمها بالنسبة إلى الشارع أيضا حتّى يكون حكمها كحكم الصلاة وأمثالها ، فتأمّل.
__________________
(١) في « ب » : « يكون من باب الحقيقة » ، بدل : « ما ذا مع ... المطلوب ».
(٢) في « ب » : « لا يجب ».
(٣) راجع في باب الأدلّة العقليّة ، ص ٤٠١ ، الفصل ٦.
(٤) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ٢٠.
(٥) قاله الفخر الرازي في المحصول ١ : ٣١٧ ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : ٧٧.
(٦) حكاه الأسنوي عن الحنفيّة في التمهيد : ٢٠٤.