كحمل الدينار على الدينار من الذهب ؛ لأنّه مقتضاه شرعا ولغة ، دون غيره من الفضّة والفلوس ، كما هو مقتضاه العرفي في بعض البلاد.
نعم ، إن علم بالقرائن والأمارات أنّ المراد معناه العرفي ، يحمل عليه ، وكذا الحكم في الطهارة والصلاة والزكاة وغيرها.
وفروع هذا الأصل كثيرة ؛ وكيفيّة التفريع عليك ظاهرة.
وقد وقع الخلاف في أنّه إذا وقع التغاير بين اصطلاح المعصوم والراوي ، فهل يقدّم الأوّل ، أو الثاني؟ وذلك كالرطل ، فهل يحمل على المدني الذي هو اصطلاح المعصوم ، أو العراقي الذي هو اصطلاح الراوي ، أعني ابن أبي عمير؟ والترجيح لا يخلو عن إشكال ، ولا بدّ من الرجوع إلى القرائن ، إلاّ أنّ الحمل على الأوّل عند فقدها لا يخلو عن رجحان ما ، وغير خفيّ أنّ هذا لا ينافي القطع بتقدّم الحقيقة الشرعيّة على العرفيّة ؛ لأنّ المراد من اصطلاح المعصوم عرف بلده لا ما صار من استعمال الشارع حقيقة ، فتقدّم الثاني قطعا لا ينافي الشكّ في تقدّم الأوّل.
فصل [١٢]
إذا تعذّر حمل الألفاظ على الحقيقة ، فلا بدّ من حملها على المجاز بشرط عدم المانع شرعا ، وكون المجاز ممّا وجد فيه إحدى العلاقات المعتبرة ، كتسمية السبب باسم المسبّب وعكسه ، وتسمية الكلّ باسم الجزء وعكسه ، وتسمية الحالّ باسم المحلّ وعكسه ، والمجاورة والمشارفة والحذف والمشابهة في الشكل والصفة. وقد ذكر بعض آخر ، والعمدة ما ذكرناه.
إذا عرفت هذا ، فكيفيّة التفريع ظاهرة عليك ، مثلا : الاشتراك لمّا كان مرجوحا بالنسبة إلى الحقيقة والمجاز ـ كما سيجيء (١) ـ فقيل : النكاح ليس مشتركا بين العقد والوطء ، بل هو حقيقة في الأوّل ، مجاز في الثاني (٢). وقيل بالعكس (٣).
__________________
(١) في ص ٦٨ و ٧٣.
(٢) حكاه الأسنوي عن الشافعي في التمهيد : ١٩٠.
(٣) راجع المصدر : ١٩١.