صلاة الظهر ، بل لا نحكم بذلك ولا بكونه مجازا أيضا ؛ لاحتمال أن يكون حقيقتها صلاة الظهر ، فحينئذ نتوقّف.
والفروع للصورة الثالثة كثيرة جدّا. مثلا : استعمل خطاب المشافهة في المعدومين ، ونعلم له معنى حقيقيّا وهو مخاطبة الموجودين الحاضرين ؛ لأنّ خطاب المشافهة يستعمل حقيقة فيهم ، فيحكم بأنّ استعماله في المعدومين على سبيل المجاز.
وقيل : هذه الخطابات لا تتناول المعدومين لا حقيقة ولا مجازا ، واشتراكهم للموجودين في أحكامها إنّما علم بالإجماع (١). وعلى هذا ، يكون التكليف الذي تعلّق بهم على النحو الذي كان للموجودين الحاضرين ، فينبغي التفحّص عن كيفيّته ، وعلى القول بتناولها لهم حقيقة أو مجازا ، لا يكون تكليفهم على نحو تكليف الحاضرين ، بل على نحو يفهمونه منها.
وكذا استعمل لفظ « المسجد » في مكّة ، ونحن نعلم له حقيقة مخصوصة ، فنحكم بأنّ هذا الاستعمال مجازي ، فلا نثبت جميع اللوازم التي للمسجد لمكّة.
فصل [١٤]
ذهب المحقّقون إلى أنّه لا يجوز استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي والمجازي معا (٢) ، وذهب بعض (٣) إلى الجواز ، وأكثر المجوّزين على أنّ هذا الاستعمال على سبيل المجاز. وربما قيل : إنّه حقيقة ومجاز بالاعتبارين (٤).
والظاهر أنّ الخلاف في جواز هذا الاستعمال للمتكلّم مع نصب القرينة ، وجواز إرادة المخاطب كلا المعنيين بعد نصب القرينة أيضا (٥) ، لا جواز إرادتهما معا عند عدم القرينة ؛ فإنّ ذلك لا يجوز بالاتّفاق ؛ لأنّ اللفظ عند الإطلاق يجب حمله على الحقيقة ، كما عرفت (٦).
__________________
(١) قاله الشيخ حسن في معالم الدين : ١٠٨.
(٢) منهم الفخر الرازي في المحصول ١ : ٣٤٣ ، وأبو هاشم وأبو عبد الله كما في معارج الاصول : ٥٣.
(٣) منهم أبو الحسن عبد الجبّار بن أحمد كما في العدّة في أصول الفقه ١ : ٥٤ ـ ٥٦.
(٤) راجع معالم الدين : ٤٢ ، وذهب إليه المصنّف في تجريد الاصول.
(٥) في شرح تجريد الاصول لابن المصنّف ( مخطوط ) : « اختلفوا في أنّه هل يمكن للمخاطب حمل اللفظ عليهما بعد نصب القرينة عليهما معا؟ ».
(٦) في ص ٦٧ ، الفصل ١٣.