بالقارورة باعتبار استقرار الشيء فيها ، إلاّ أنّ اعتبار ذلك فيها ليس من حيث إنّه داخل في مفهومها ، بل من حيث إنّه مرجّح لتعيّن هذا الاسم من بين سائر الأسماء.
وإذا عرفت هذا ، تعلم أنّ تسمية كلّ شيء باسم المشتقّ المطّرد (١) باعتبار وجود مبدأ الاشتقاق فيه تكون على سبيل الحقيقة ، وتسمية غير الزجاجة مثلا بالقارورة باعتبار استقرار الشيء فيه ـ كالدنّ وأمثاله ـ تكون على سبيل المجاز.
ويظهر الفائدة في الأحكام في الأيمان ، والتعليقات ، والأوقاف ، وأمثالها.
فصل [١٨]
إطلاق المشتقّ على ذات باعتبار الحال ـ يعني عند اتّصافها بالمبدإ ، كالضارب لمباشر الضرب ـ حقيقة وفاقا ، وباعتبار المستقبل ـ أي قبل اتصافها به ، كالميّت لمن لم يمت وسيموت ـ مجاز قطعا ، وباعتبار الماضي ـ أي بعد وجوده وزواله عنه ، كالضارب لمن ضرب وزال عنه الضرب ـ ففيه خلاف. فأصحابنا (٢) ، والمعتزلة (٣) ، وابن سينا (٤) على أنّه حقيقة. والأشاعرة (٥) على أنّه مجاز.
وذهب بعض (٦) إلى أنّه إن لم يمكن بقاؤه فحقيقة ، كالكلام ؛ فإنّ كلّ جزء منه أتى لا يمكن أن يبقى في زمان ، ولا يقارن الماضي ولا المستقبل ، وإن أمكن ولم يبق فمجاز ، كالضرب وأمثاله.
وتوقّف جماعة كالآمدي (٧) ، وابن الحاجب (٨).
وذكر جماعة أنّ محلّ النزاع ما إذا لم يطرأ على المحلّ وصف وجودي ينافي الأوّل ،
__________________
(١) في « ب » : « بالمشتقّ مطّرد ».
(٢) راجع تمهيد القواعد : ٨٤ ، القاعدة ١٩.
(٣) راجع المحصول ١ : ٢٤٠.
(٤) حكاه عنه الفخر الرازي في المصدر.
(٥) منهم الفخر الرازي في المصدر ١ : ٢٣٩ و ٢٤٠.
(٦) قاله القاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى ١ : ١٧٦.
(٧) الإحكام في أصول الأحكام ١ : ٨٦.
(٨) حكاه عنه الأسنوي في نهاية السؤل ٢ : ٨٢.