وعلى التمر اليابس الأسود أنّه رطب أخضر (١).
واجيب عن الأوّل : بأنّ المنع فيه شرعي. وعن أخويه : بأنّ المنع فيهما عرفي ، واللغة لا تأبى عن الإطلاق المذكور وإن كان مستبعدا عند العقل (٢).
وإن خصّص الدعوى بما إذا لم يطرأ على المحلّ ضدّ أو نقيض ـ كما ذكره بعض (٣) ـ فيندفع هذا الدليل ؛ لأنّ عدم الإطلاق في الامور المذكورة يكون حينئذ اتّفاقيّا ؛ لأجل طريان الضدّ ، ويكون خارجا عن الدعوى ، إلاّ أنّ الاتّفاق المذكور لم يثبت ، بل خلافه ثابت. فالحقّ في الجواب ما ذكر أوّلا.
إذا عرفت هذا ، تعلم حقيقة الحال في المذاهب الأخر ، والتخصيصات المذكورة ، ووجه فسادها.
ثمّ إنّ فروع هذا الأصل كثيرة :
منها : إذا وقف أحد شيئا على سكّان موضع مخصوص ، فعلى ما اخترناه لا يبطل حقّ بعض السكّان بالخروج ، وإن كان مدّة كثيرة.
ومنها : بقاء كراهية الطهارة بالماء المسخّن بالشمس بعد برده.
ومنها : كراهية الحدث تحت الأشجار التي أثمرت في الماضي ولم تكن مثمرة بالفعل.
وأمثال هذه الفروع كثيرة. وكيفيّة التفريع في جميعها ظاهرة عليك بعد الإحاطة بما ذكرناه.
فصل [١٩]
كلّ واحد من المشتقّات يدلّ على ذات ما مع صفة معيّنة ، ولا يدلّ على خصوصيّة الذات من كونه جسما أو إنسانا أو حجرا أو غيرها ؛ فإنّ الأبيض لو دلّ على خصوصيّة الذات مثل كونها جسما ، لكان حمل الجسم عليه غير مفيد مع أنّه مفيد قطعا.
__________________
(١) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ١ : ٨٩.
(٢) قاله العلاّمة في تهذيب الوصول : ٦٨ و ٦٩.
(٣) تقدّم في ص ٧٩ ـ ٨٠.