ويظهر الفائدة في الأحكام في التعليقات والأيمان وأمثالهما ، وفيما صدر مشتقّ من كلام الشارع ولم يكن قرينة تدلّ على تعيين الذات.
فصل [٢٠]
الحقّ أنّ الواو العاطفة لمطلق الجمع ، ولا تدلّ على ترتيب أو معيّة. صرّح بذلك رؤساء اللغة (١) حتّى أنّ أبا عليّ الفارسي نقل إجماع الادباء على ذلك (٢).
وذكره سيبويه في خمسة عشر موضعا من كتابه (٣) ؛ واستدلّ أيضا بأمثلة يتعيّن في بعضها الحمل على المعيّة ، وفي بعضها الحمل على تقدّم ما بعد الواو على ما قبلها.
والحقّ أنّ الحمل على المجازيّة فيها ممكن ، فالمناط ما ذكر أوّلا.
والفرّاء ومن تبعه على أنّها للترتيب (٤). واحتجّ بأمثلة لا بدّ فيها من حمل الواو على الترتيب ، وهو لا يفيد مطلوبهم ؛ لأنّه مستفاد من القرائن الخارجيّة ، فلا يدلّ على تعيّن كونها حقيقة فيه فقط.
إذا علمت ذلك تعرف أنّه يجب حمل الواو عند الإطلاق على الجمع مطلقا.
وكيفيّة التفريع أنّه إذا قال رجل لزوجته : « إن كلّمت زيدا وعمرا فأنت عليّ كظهر أمّي » فتحرم بمطلق تكلّمهما ، ولا يتوقّف (٥) على تقدّم تكلّم الأوّل على الثاني ، وكذا إذا قال رجل لآخر : « وكّلتك في بيع أرضي ومتاعي » يتخيّر الوكيل في بيعهما بأيّ نحو شاء ، ولا يلزم عليه بيع الأرض أوّلا.
ثمّ الحقّ أنّ الواو العاطفة يجوز حذفها مطلقا إذا دلّت عليه قرينة ، كما ذهب إليه الأكثر ، وإن منعه ابن جنيّ في غير الشعر (٦). فمن أورد جملا متعاطفة بتقدير العاطف في المعاملات ،
__________________
(١) منهم : ابن هشام في مغني اللبيب ٢ : ٣٥٤ ، والفارسي كما في المحصول ١ : ٣٦٣.
(٢) حكاه عنه الفخر الرازي في المحصول ١ : ٣٦٣ ، والأسنوي في نهاية السؤل ٢ : ١٨٥ ، والعلاّمة في نهاية الوصول إلى علم الأصول ١ : ٣١٣.
(٣) راجع كتاب سيبويه ١ : ١٧٧ ـ ١٧٩.
(٤) راجع : الإحكام في أصول الأحكام ١ : ٩٦ ، ومغني اللبيب ٢ : ٣٥٤.
(٥) أي الحكم ، وهو هنا الحرمة.
(٦) حكاه عنه الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ٤٤٩ ، القاعدة ١٥٧.