ثمّ لا يخفى أنّ الفرق بين الاستحقاق والملك ظاهر ، وهما لا يستلزمان الاختصاص ، فيمكن تحقّقهما بدونه ، ولكنّ الاختصاص يستلزم الملك ، أو الاستحقاق ، أو كليهما.
والحقّ ـ كما صرّح به بعض المحقّقين (١) ـ أنّ اللام عند الإطلاق تفيد الاختصاص عرفا ، وإن لم تفد لغة.
وكيفيّة التفريع : إذا قال رجل : « هذا لزيد » يكون إقرارا بالملك ، فإن قال : أردت أنّه في إجارته أو عارية عنده ، لا يسمع. ولو قال بعنوان اليمين أو التعليق وأمثالهما : « لا أركب الدابّة التي للعبد » لا يتحقّق له الحنث ؛ لأنّ العبد لا يملك شيئا ، ويمكن أن يتحقّق بإرادة المجاز بأن يقصد بها ما عرف (٢) به. ولو حلف أن لا يدخل الدار التي لزيد ، يجب أن يراد بها المملوكة.
وفي حكم اللام الإضافة ، كأن يقول : « دابّة العبد » أو « دار زيد ».
ويتفرّع على ما حقّقنا أنّ اللام في قوله عليهالسلام في الصحيفة : « اللهمّ إنّ هذا المقام لخلفائك » (٣) إلى آخره تفيد الاختصاص عرفا ، فيدلّ على كون المقام مختصّا بخلفاء الله ، ولكن لا يدلّ على نفي وجوب صلاة الجمعة في زمان الغيبة ؛ لعدم لزوم حمل « المقام » على صلاة الجمعة والعيدين ، كما بيّنّا في الرسالة التي ألّفناها في هذه المسألة (٤).
فصل [٢٢]
« من » يستعمل لمعان :
منها ابتداء (٥) الغاية.
ومنها التبيين.
ومنها التعليل ، كقوله : « يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب » (٦).
__________________
(١) راجع الإحكام في أصول الأحكام ١ : ٩٥.
(٢) « عرف يعرف عرفا : الفرس : قصّ عرفه أي شعر عنقه ». معجم اللغة العربيّة ٦ : ٨٥٦ ، « ع ر ف ».
(٣) الصحيفة السجّاديّة : ٤٧٤ ، دعاؤه يوم الأضحى ويوم الجمعة ، الدعاء ٤٩.
(٤) ليست هذه الرسالة في متناول أيدينا.
(٥) في « ب » : « الابتداء للغاية ».
(٦) الكافي ٥ : ٤٣٧ ، باب الرضاع ، ح ٢ ، ووسائل الشيعة ٢٠ : ٣٧١ ، أبواب ما يحرم بالرضاع ، الباب ١ ، ح ١.