ومنها التبعيض.
ويظهر المطلوب منها في كلّ مقام بمعونة القرائن ، فلو قال : « بع من أموالي ما شئت » ، و « أعط منها ما شئت » وأمثالهما ، يجب حملها على التبعيض ، ولا يمكن للوكيل (١) بيع الجميع. ولو قال : « خذ مالي من فلان » ، يجب حملها على الابتداء ، فيكون مبدؤها الفلان ، ولا يتعدّى إلى غيره ، فلو مات ليس له الأخذ من ورثته.
ثمّ إنّ لفظة « من » تزاد في النفي ، والنهي ، والاستفهام وفاقا ، بشرط كون مدخولها نكرة ، نحو ( ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ )(٢).
وأمّا في الإثبات ، فذهب سيبويه (٣) وأكثر البصريّين (٤) إلى عدم الجواز. وذهب الأخفش (٥) إلى الجواز مطلقا ؛ لقوله تعالى : ( يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ )(٦) ، وبعض (٧) إلى الجواز بالشرط المذكور ، نحو ( يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ )(٨) ، وحملها في الآيتين على التبعيض ممكن ، فالظاهر الأوّل.
ومن فروعه : أنّه إذا قال وليّ الزوجة أو وكيلها : « زوّجت من زينب » أو « من موكّلتي » يكون العقد باطلا ، بناء على الأوّل والثالث ؛ لكونه لحنا ، وعلى الثاني يكون صحيحا. وكذا الحكم إذا قال البائع أو الموجر مخاطبا للمشتري أو المستأجر : « بعت منك » أو « آجرت منك ».
فصل [٢٣]
« إلى » موضوعة لانتهاء الغاية. واختلف في دخولها في ذي الغاية. فقيل به مطلقا. وقيل بالعدم كذلك.
__________________
(١) في « ب » : « الوكيل ».
(٢) الأعراف (٧) : ٥٩.
(٣ و ٤) راجع : مغني اللبيب ١ : ٤١٩ ـ ٤٢٦ ، والمحصول ١ : ٣٧٧ ، ونهاية الوصول إلى علم الأصول ١ : ٣٢٥.
(٣ و ٤) راجع : مغني اللبيب ١ : ٤١٩ ـ ٤٢٦ ، والمحصول ١ : ٣٧٧ ، ونهاية الوصول إلى علم الأصول ١ : ٣٢٥.
(٥) راجع تمهيد القواعد : ٤٢٤ ، القاعدة ١٥٢.
(٦) الأحقاف (٤٦) : ٣١.
(٧) المقتضب للمبرّد ٤ : ١٣٧.
(٨) الكهف (١٨) : ٣١.