ثمّ على ما ذكرنا ينقسم الحكم الشرعي إلى الوضعي بأقسامها الآتية ، والخمسة المعروفة ، أعني :
الوجوب ، وهو الحكم الذي يقتضي الفعل اقتضاء مانعا من النقيض ، أو ما يستحقّ تاركه لا إلى بدل ذمّا أو عقابا.
وقولنا : « لا إلى بدل » لإدخال الكفائي وكلّ واحد من أفراد المخيّر ، فلا ينتقض الحدّ بالركعتين الأخيرتين من الصلوات (١) الرباعيّة في المواضع الأربعة (٢) ، والزائد على الإصبع الواحدة في المسح ، وأمثالهما ؛ فإنّ المكلّف إن أتى بها (٣) اتّصفت بالوجوب مع كون الفعل حينئذ متّصفا بالأفضليّة ، وإن تركها وأتى بالركعتين والإصبع الواحدة مثلا ، يكون الركعتان والإصبع الواحدة متّصفتين بالوجوب مع عدم الأفضليّة ، وتكونان بدلين عن الركعات الأربع والمسح بالثلاث ، فما ترك لم يترك من غير (٤) بدل ، بل أتى به.
وقد عرّف الوجوب بتعريفات أخر لا تخلو عن بعض النقوض ، أو المناقشات.
والصحيح ما ذكرناه ، وما في معناه.
والفرض مرادف للوجوب عندنا ، خلافا للحنفيّة ؛ حيث ذهبوا إلى أنّ الفرض ما ثبت بالقطعيّات ، كالآيات القطعيّة ، والسنّة المتواترة. والوجوب ما ثبت بالظنّيات ، كأخبار الآحاد وأمثالها (٥).
ويظهر الفائدة عندهم لو نذر أحد أن يؤدّي فريضة ، أو واجبا. وأمّا عندنا فلا يظهر فائدة ، ويرادفهما الحتم ، واللزوم.
والحرمة ، وهو ما يقتضي الترك اقتضاء مانعا من النقيض ، أو ما يستحقّ فاعله ذمّا أو عقابا ، ويرادفها الحظر ، والزجر ، والعصيان ، والقبح.
والندب ، وهو ما يقتضي الفعل اقتضاء غير مانع من النقيض ، أو ما يستحقّ فاعله مدحا
__________________
(١) في « ب » : « الصلاة ».
(٢) وهي : المسجد الحرام ، ومسجد الكوفة ، ومسجد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، والحائر الحسيني عليهالسلام.
(٣) أي الرباعيّة والمسح بالزائد عن الإصبع الواحدة.
(٤) في « ب » : « بغير ».
(٥) راجع : المحصول ١ : ٩٧ ، والإحكام في أصول الأحكام ١ : ١٤٠ ، والتمهيد للإسنوي : ٥٨ ، ٥٩.