وقد استدلّ عليه بوجوه غير تامّة (١) :
منها : عدم اطّراده في الفعل ؛ لأنّه لا يسمّى بعض الأفعال ـ كالأكل والشرب وأمثالهما ـ أمرا ، فلا يكون حقيقة فيه ؛ إذ الاطّراد لازمها.
ويرد عليه : منع عدم التسمية.
ومنها : صحّة السلب ؛ لأنّه يقال : ما أمر بل فعل.
ويرد عليه : منعه على الإطلاق.
ومنها : عدم الاشتقاق من الأمر بمعنى الفعل ، فلا يشتقّ منه اسم الفاعل والمفعول ، والأمر والنهي وغيرها ، فلا يسمّى الأكل أمرا والمأكول مأمورا به ، وهكذا ، وهو دليل عدم الحقيقة ؛ للزوم الاشتقاق فيها.
ويرد عليه : منع اللزوم ، كمنع عدمه في المجاز ، ولذا لا يدلّ جمع الأمر الفعلي على امور على كونه حقيقة. وبهذا يظهر فساد الاحتجاج به على كونه حقيقة فيه ؛ لأنّه اشتقاق ، وهو دليل الحقيقة.
ومنها : أنّ الأمر يستلزم متعلّقا هو المأمور ، وهو لم يتحقّق في الفعل ، وانتفاء اللازم يوجب انتفاء الملزوم.
ويرد عليه : منع لزومه لمطلق الأمر.
ومنها : انتفاء لوازم الأمر عن الفعل ، ككونه قسما من الكلام ، وضدّا للنهي ، واتّصاف من تعلّق به بالمطيع والعاصي.
ويرد عليه : أنّها من لوازم القولي دون الفعلي.
احتجّ القائل باشتراكه بينه وبين الفعل بصحّة استعماله فيه ، كما في قوله تعالى : ( حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ ) (٢) ، والمراد الأفعال العجيبة. وقوله تعالى : ( أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ ) (٣) أي فعله ، ( وَما أَمْرُنا إِلاَّ واحِدَةٌ ) (٤) ، ( وَما أَمْرُ
__________________
(١) حكاها الفخر الرازي في المحصول ٢ : ٩ ـ ١٠ ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ١٤٨ ـ ١٤٩.
(٢) هود (١١) : ٤٠.
(٣) هود (١١) : ٧٣.
(٤) القمر (٥٤) : ٥٠.