__________________
ثانياً : إنّ الله ( سبحانه ) مَنَح القُدرة لجميع الناس ، وبيّن لهم طريق الخير والشر ، والفضيلة والرذيلة ، ونهاهم عن الشرّ والرذيلة ، ولكن لم يكن نهيه من نوع أنّه يشلّ أعضاءهم إذا أرادوا الحرام ، فإذا فَعَل العبد حراماً ، يكون هو المسؤول الأول والأخير عن ارتكابه للحرام ، ولذلك فهو يستحق العقوبة ، لكن يجوز ـ من باب المجاز ـ نسبة ذلك الفعل إلى الذي أعطى القوة لجميع الخلق ، وأراد أن يخلق خلقاً من نوع معيّن إسمه « البشر » ، يكون مخيّراً في أعماله .. لا مسَيّراً كبعض المخلوقات الأخرى ، مثل الجمادات.
وهنا ملاحظة أخيرة نذكرها : وهي أنّه ـ رغم وجود موارد معيّنة لإستعمال كلّ واحدة من هاتين الكلمتين ـ إلا أنّ في اللغة العربية ـ بما في ذلك القرآن الكريم ـ ، تُستعمل كلّ واحدة من هاتين الكلمتين : « شاء » و « أرادَ » .. في موارد ومجالات الكلمة الأخرى ـ أحياناً ، أو غالباً ـ ، وهذا أمر شائع وثابت.
والجدير بالذكر : أنّنا نجد ـ في الآية التي ذكرناها في المثال الثالث ـ أنّ كلمة « شاء » جاءت أولاً وأُريدَ منها معنى « المشيئة » ، ثمّ في نفس الآية جاءت كلمة « شاء » وأُريدَ منها معنى « أراد » ، ممّا يدلّ على أنّ كل واحدة من هاتين الكلمتين ـ « شاء » و « أراد » ـ تُستعمل مكان المعنى الآخر ، ولكنّ وجود الفرق بين المعنَيَين ثابت وصحيح ودقيق.