الحسين بصوت حزين وقلب كئيب :
« يا محمداه ، صلى عليك مليك السماء ، هذا حسين مرمل بالدماء ، مقطع الأعضاء ، مسلوب العمامة والرداء ، محزوز الرأس من القفا. ونحن بناتك سبايا.
إلى الله المشتكى ، وإلى محمد المصطفى ، وإلى علي المرتضى ، وإلى فاطمة الزهراء ، وإلى حمزة سيد الشهداء.
يا محمداه! هذا حسين بالعراء (١) ، تسفي عليه ريح الصباء ، قتيل أولاد البغايا.
واحزناه! واكرباه عليك يا أبا عبد الله.
بأبي من لا هو غائب فيرتجي ، ولا جريح فيداوى.
بأبي المهموم حتى قضى.
بأبي العطشان حتى مضى ... »
فأبكت ـ والله ـ كل عدو وصديق. (٢)
واعتنقت زينب جثمان أخيها ، ووضعت فمها على نحره وهي تقبله وتقول :
« أخي لو خيرت بين المقام عندك أو الرحيل لاخترت
__________________
١ ـ العراء : الأرض المنبسطة التي لا يستر فضاءها شيء.
٢ ـ كتاب ( الملهوف ) لابن طاووس ، ص ١٨١ ، وكتاب الإيقاد ، ص ١٤٠.