ومع العلم أن الإمام زين العابدين كان أقوى وأقدر منها على فنون الخطابة ، وأولى من التحدث في جموع الرجال؟
لعل الجواب هو : أن الضرورة أو الحكمة إقتضت أن يسكت الإمام زين العابدين طيلة هذه المسيرة كي لا يجلب إنتباه الناس إلى قدرته على الكلام ، وحتى يستطيع أن يصب جام غضبه كله على يزيد ، في الجامع الأموي ، بمرأى ومسمع من آلاف المصلين الذين حضروا يومذاك لأداء صلاة الجمعة خلف يزيد.
فلو كان الإمام زين العابدين عليهالسلام يخطب في أثناء هذه الرحلة .. في الكوفة وغيرها ، فلعله لم وين يكن يسمح له بالخطابة في أي مكان آخر ، فكانت تفوته الفرصة الثمينة القيمة ، وهي فرصة التحدث في تلك الجماهير المتجمهرة في الجامع الأموي ، علماً بأنه لم يبق من آل الرسول في تلك العائلة رجل سوى الإمام زين العابدين.
ولهذا السبب كانت السيدة زينب تتولى الخطابة في المواطن والأماكن التي تراها مناسبة.
وليس معنى ذلك أنها فتحت الطريق أمام النساء ليخطبن في جموع الرجال ، أو المجتمعات العامة كالأسواق والساحات وغيرها ، بل إن الضروري القصوى كانت وراء خطبتها عليهاالسلام.
هذا أولاً.
ثانياً : لقد كانت حياة الإمام زين العابدين عليهالسلام مهددة بالخطر طوال هذه الرحلة ـ وخاصة في الكوفة ـ فكم من مرة