وقد جاء في التاريخ ـ أيضاً ـ أن في ليلة من الليالي ، بينما القوم يسيرون في ظلام الليل ، بدأت السيدة سكينة بنت الإمام الحسين عليهماالسلام بالبكاء ، لأنها تذكرت أيام أبيها ، وما كان لها من العز والإحترام ، ثم هي ـ الآن ـ أسيرة بعد أن كانت أيام أبيها عزيزة ، واشتد بكاؤها ، فقال لها الحادي : أسكتي يا جارية! فقد آذيتيني ببكائك!
فما سكتت ، بل غلب عليها الحزن والبكاء ، وأنت أنة موجعة ، وزفرت زفرةً كادت روحها أن تخرج!!
فزجرها الحادي وسبها ، فجعلت سكينة تقول ـ في بكائها ـ وا أسفاه عليك يا أبي! قتلوك ظلماً وعدوانا!
فغضب الحادي من قولها وأخذ بيدها وجذبها ورمى بها على الأرض!!
فلما سقطت غشي عليها ، فما أفاقت إلا والقافلة قد مشت ، فقامت وجعلت تمشي حافيةً في ظلام الليل ، وهي تقوم مرةً وتقعد مرة!! وتستغيث بالله وبأبيها ، وتنادي عمتها ، وتقول : يا أبتاه مضيت عني وخلفتني وحيدةً غريبةً ، فإلى من ألتجئ وبمن الوذ في ظلمة هذه الليلة في هذه البيداء؟!!
فركضت ساعة من الليل وهي في غاية الوحشة! فلم تر أثراً من القافلة ، فسقطت مغشيةً عليها!!