الأُمم ، وكافحتم البُهَم (١) ، لا نَبرح أو تَبرحون ، نَأمُركم فتَأتَمرون ، حتى إذا دارت بنا رحى الإسلام ، ودرَ حلبُ الأيام ، وخَضَعَت ثَغرة الشِرك ، وسَكنَت فَورة الإفك ، وخَمُدت نيران الكفر ، وهَدأت دعوة الهرج ، واستوسق نظام الدين ، فأنّى حِرتُم بعد البيان؟ ، وأسررتم بعد الإعلان؟ ، ونكصتم بعد الإقدام ، وأشركتم بعد الإيمان؟ ، « ألا تُقاتِلون قوماً نَكثوا أَيمانهم وهَمّوا بإخراج الرسول ، وهم بَدؤكم أوّل مرّة ، أتخشَونَهم فالله أحقّ أن تَخشَوه إن كنتم مؤمنين » (٢).
ألا : قد أرى أن قد أخلَدتم إلى الخفض (٣) وأبعدتم مَن هو أحقّ بالبَسط والقَبض ، وخلَوتم إلى الدعة (٤) ، ونَجَوتم مِن الضيق بالسعة ، فمَجَجتم ما وَعَيتم (٥) ، ودسعتُم الذي تسوّغتم (٦) ، « فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإنّ الله
__________________
١ ـ البهَم ـ جمع بهمة ـ : الشجاع.
٢ ـ سورة التوبة ، الآية ١٣.
٣ ـ الخفض : الراحة.
٤ ـ الدعة : الراحة والسُكون.
٥ ـ مَجَجتم : رَميتم. وَعيتم : حفِظتم.
٦ ـ دسعتم : تقيّأتم. وتسوّغتم : شَربتُم بسهولة.