بلى ، اني بجردي الاولي لمرويات بعض هؤلاء الصحابة مع مرويات أهل البيت قد تولدت في نفسي قناعة الاعتماد على مرويات هؤلاء الصحابة لتكون شاهدة على غيرنا ، وأنّ هذا الغير لا يمكنه إلاّ أن يعترف بمصداقية مروياتنا بحكم صحة مرويات الصحابة عنده ، فاحببت ان اذكّر الاخوة بهذه الحقيقة ، بما توصلت إليه نظرياً والتي طبقت بعض جوانبها بالفعل عند دراستي لمرويات عبدالله بن عباس في الوضوء (١) عملياً ، فكان اغلب الذين رووا المسح عن ابن عباس من المدونين ، بعكس من روى الغسل عنه ، فكانوا من القضاة وعلماء البلاط.
وعليه يمكننا أن نعتبر مسـألة التدوين منعطفاً فكرياً لمعرفة جذور الخلاف بين المسلمين ، ومن خلاله يمكننا توثيق فقه الإمامية للآخرين من غير الشيعة ، الذين يعتبرون مرويات الشيعة مخالفة لمرويات غيرهم من المسلمين.
فلو اردنا ان نسـتخدم هذا المحور كمنطلق للعمل يجب علينا اولاً أن نتعرف على اسماء المدونين ، ثم ندرس مروياتهم لنرى مدى تطابقها مع مروياتنا ، وان تلك النسبة التي سنحصل عليها هل تجعلنا ندعي ان المدونين هم اقرب فكراً إلى مدرسة أهل البيت من الذين يخالفون التدوين أم لا ؟! وماذا نفعل لو اطلعنا بين تلك
__________________
(١) المطبوع على انفراد تحت عنوان ( عبدالله بن عباس واختلاف النقل عنه ) وكذا ضمن « وضوء النبي » المجلد الثاني.