يُنَادَىٰ من فوق العرش : ( لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) أي أنتم الظلمة الكفرة المتجاوزون عن الحدّ ، لستم قابلين لتحمل منصب الإمامة ؛ من غير فرق بين أن يصلح حالهم بعد تلك الفترة ، أو يبقوا على ماكانوا عليه.
وهذا يستلزم أن يكون المؤهَّل للإمامة طاهراً من الذنوب من لدن وُضِعَ عليه القلم إلىٰ أن أُدْرِجَ في كفنه وأدخل في لحده ، وهذا ما نسميه بالعصمة في مورد الإمامة » (١).
ومن أدلة الإمامية الإثني عشرية على العصمة من الكتاب العزيز قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) (٢) « فإنه تعالىٰ أوجب طاعة أولي الأمر علىٰ الإطلاق كطاعته وطاعة الرسول ، وهو لا يتم إلّا بعصمة أولي الأمر ، فإنّ غير المعصوم قد يأمر بمعصية وتحرم طاعته فيها ، فلو وجبت أيضاً اجتمع الضدّان : وجوب طاعته وحرمتها ، ولايصحّ حمل الآية علىٰ إيجاب الطاعة له في خصوص الطاعات ; إذ ـ مع منافاته لإطلاقها ـ لا يجامع ظاهرها من إفادة تعظيم الرسول وأولي الأمر بمساواتهم لله تعالىٰ في وجوب الطاعة ، إذ يقبح تعظيم العاصي ، ولا سيّما المنغمس بأنواع الفواحش.
علىٰ أن وجوب الطاعة في الطاعات ليس من خواص الرسول وأولي الأمر ، بل تجب طاعة كل آمرٍ بالمعروف ، فلابدّ أن يكون المراد بالآية بيان
_______________________
١) الإلهيات : ٤ / ١٢٢.
٢) النساء : ٥٩.