قال دام ظله : « ولا يمكن إثباته بكونها معمورة الآن وأن الجائر يأخذ عنها الخراج كما قال الشيخ زين الدين في شرح الشرائع : حملا لفعل المسلمين على الصحة ، إذ الأصل عدمه وذلك قرينة ضعيفة ، إذ الجائر يرى عدم تقييده لأخذه مال الناس ولد خوله فيما ليس له كالقتل وغير ذلك ، فكيف يمكن حمل ذلك منه على الصحة؟ ولأنه يأخذ الخراج من غير محله وفوق الحق ومن غير رضا المتصرف ، بل وقد ينقص محصول من الخراج ولا يتمكن من الترك ، بل لو ترك الزراعة يؤخذ منه الخراج ، على أنهم صرحوا بأن أخذ الجائر غير جائز وأنه ظلم وحرام وهو آثم به ، فكيف يحكم على الصحة والاباحة ولا يعتبر شرعا في أخذ ما في أيدي الناس الدالة على الملكية وقد يدعي الملكية أيضا؟ قال فيه في شرح قول المصنف « والنظر فيها أي في الأرض المفتوحة عنوة إلى الإمام ». هذا مع ظهوره وبسط يده ، أما مع غيبته كهذا الزمان فكل أرض يدعي أحد ملكيتها بشراء أو إرث ونحوها ولا يعلم فساد دعواه تقر في يده كذلك ، لجواز صدقه وحملا لتصرفه على الصحة فإن الأرض المذكورة يمكن تملكها بوجوه وذكر وجهين » إنتهى كلامه دام ظله (١) (٢).
أقول : الشيخ زين الدين رحمه الله ادعى أن كونها خراجية يثبت بكونها معمورة الآن وأخذ الجائر منها ، واستدل عليه بحمل فعل المسلمين على الصحة ، ولا يخفى تكرر هذا الدليل في كلام الفقهاء وأنهم استدلوا به على مطالب كثيرة من جملتها ما استشهد به المصنف من قول الشيخ زين الدين : « فكل أرض يدعي أحد ملكيتها إلى قوله : حملا لتصرفه على الصحة » ، فقول المصنف : « الأصل عدمه » إن أراد به عدم الخراج فلا يضر هذا المستدل إذا سلم المصنف دليله ، وإن لم يسلمه فلا حاجة إلى قوله « إذا الأصل عدمه » ، وإن أراد أن الأصل عدم
__________________
(١) مسالك الافهام : ج ١ ص ١٥٥.
(٢) راجع خراجيته (ره) ، ص ١٩.