بعد السؤال عنهم ـ من جانب أصحابهم وتلاميذهم ـ فكانت بين آراء أولئك الفقهاء في تلك المسائل وما قال به الأئمة ، صلة وثيقة ورابطة خاصة بحيث تعد تلك الآراء قرينة منفصلة لكلماتهم وأحاديثهم وعند ذلك لا غنى للفقيه الباحث ، عن الوقوف على تلك الآراء والنظريات التي كان يتبناها فقهاء عصرهم حتى تكون على بصيرة كاملة منها ثم يرجع في كل مسألة الى ما اثر عن أئمة أهل البيت ويستوضح اهدافها على ضوء تلك الآراء المطروحة في تلك الأوساط العلمية. فعند ذلك يتجلى لهذه المأثورات معنى خاص لم يكن مفهوما قبل الرجوع الى تلك الملابسات والظروف ، ولنأت بمثال وان كان ضيق المجال لا يسمح بذلك.
روى الصدوق في الخصال في حديث شرائع الدين عن الامام الباقر عليهالسلام انه قال :
« والإجهار ببسم الله الرحمن الرحيم واجب » (١).
فاذا نظر الإنسان الى هذه الكلمة ( واجب ) يتحير في مفاد الرواية وانها إلى ماذا تهدف ، فهل المراد وجوب الجهر في الصلوات التي تجهر فيها بالقراءة ، فهذا توضيح للواضح وان كان المراد وجوب الجهر بها في الصلوات الإخفائية ، فهذا لم يقل به أحد وتكون الرواية معرضا عنها لعدم الإفتاء بمضمونها ، غير انه إذا رجع الى الأقوال المطروحة حول البسملة في زمن الامام عليهالسلام من جانب الفقهاء يقف على مضمون الرواية فإن فقهاء عصر الامام (ع) كانوا :
بين قائل بترك البسملة في القراءة لحديث انس وحديث ابن عبد الله المغفل قال : سمعنى ابى فانا أقول :
بسم الله الرحمن الرحيم فقال اى بنى! محدث ، إياك والحدث قال : ولم أر واحدا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله كان أبغض إليه الحدث في الإسلام ـ يعني منه ـ فانى صليت مع النبي (ص) ومع ابى بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقولها فلا تقلها إذا صليت فقل الحمد لله رب العالمين ، أخرجه الترمذي وقال : حديث حسن وافتى بها مالك والأوزاعي وقالا لا يقرؤها في أول الفاتحة لحديث انس.
__________________
(١) الوسائل الجزء ٤ الباب ٢١ من أبواب قراءة الصلاة الحديث ٥.