فجزاه الله عن الحق والعلم والمحققين أحسن الجزاء.
فكتابي هذا ـ نظرة عابرة إلى الصحاح الستة ـ مشتمل على مقدّمة ، وستة مقاصد ، وخاتمة ، وليعلم القارئ من أول الاَمر انّي لا اعده باستيعاب ذكر كلّ حديث يستحق النقد والرد والترديد ، ولا أذكر كلّ ما يحسن التنبيه عليه ، فان هذا يحتاج إلى مجال أوسع ودقّة زائدة لم اوت توفيقها أو قصرت همتي عن نيلها ، ولعلّ أحداً أو جماعة بعد ذلك يقومون به وكلّ ميسّر لما خلق له.
وانّي اتمنّى اليوم الذي تنقّح فيه الاَحاديث المعتبرة الصحيحة عن غيرها من الموضوعات بجهد أهل التحقيق والتدقيق ، وما ذلك على الله بعزيز.
ثم اتمنّى فوق ذلك اليوم الذي يغلب التحقيق على التقليد ، وتتقدّم الحقيقة على العصبية ، وسلوك الصراط المستقيم بدلاً عن مختلف الطرق ، والله العاصم والموفق.
مراحل الحديث
لا بدّ أن نبحث مختصراً في هذا المقام عن مراحل ثلاث للحديث النبوي صلوات الله على محدّثه.
المرحلة الاَولى : نقل الحديث.
المرحلة الثانية : كتابة الحديث.
المرحلة الثالثة : تدوين الحديث في الكتب.
نعم نبحث عن هذه المراحل حتّى تتبيّن للمحقّقين قيمة الاَحاديث الموجودة بأيدينا المكتوبة في كتبنا ، فيكون أهل البحث على معرفة تامّة بشريعتهم ، ولا يخبطون خبط عشواء ويهوون إلى أودية الافراط والتفريط