( وكذلك جعلناكم أُمّة وسطا ) (١).
الثابت من الآثار انّ الصحابة أو المشهورين منهم يقلّلون نقل الحديث ، بل ينهون عن تكثيره أو عن أصل نقله ، واليكم ذكر هذه الآثار ممّا يحضرني عاجلاً من غير استيفاء واستقصاء.
أ ـ عن الذهبي في تذكرة الحفاظ : من مراسيل ابن ملكية ( عبدالله بن عبيد الله قاضي مكّة في زمن ابن الزبير المتفق على توثيقه ) : انّ الصدّيق جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال : انّكم تحدّثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشدّ اختلافاً ، فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً ، فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلوا حلاله ، وحرّموا حرامه (٢).
ب ـ وعن ابن عساكر ، عن محمّد بن اسحاق قال : أخبرني صالح بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال : ما مات عمر بن الخطاب حتّى بعث إلى أصحاب رسول الله فجمعهم من الآفاق عبدالله بن حذيفة وأبا الدرداء وأبا ذر وعقبة بن عامر ، فقال : ما هذه الاَحاديث التي افشيتم عن رسول الله في الآفاق؟
قالوا : تنهانا؟
قال : لا ، اقيموا عندي ، لا والله لا تفارقوني ما عشت ، فنحن أعلم! نأخذ منكم ونردّ عليكم. فما فارقوه حتّى مات.
ج ـ وعن تذكرة الحفاظ (٣) عن شعبة ، عن سعيد بن ابراهيم ، عن
__________________
(١) البقرة : ١٤٣.
(٢) تذكرة الحفاظ ١ : ٣.
(٣) تذكرة الحفاظ ١ : ٧.