فاعلمك انهم كانوا يغلطون لا انهم كانوا يتعمدّون (١).
وعن بسر بن سعيد : اتقوا الله وتحفّظوا في الحديث ، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدّث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويحدثنا عن كعب ثم يقوم ، فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب ، ويجعل حديث كعب عن رسول الله (٢).
( الخامس ) : انّ اكثار الحديث عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان محرّماً بنظر عمر ، فانّه عزر المكثرين بالحبس ، ضرورة عدم جواز حبس المسلم وايذائه على أمر مباح أو مستحب ، بل مكروه. وهذا يبطل نظر الغالين في حقّ الصحابة بانّهم كلّهم عدول.
( السادس ) : يظهر من كلام عثمان انّ الكذب في نقل الحديث قد كثر بعد زمن الشيخين ، ولذا لم يحلل للناس نقل ما لم يسمع في زمانهما ، وذيل كلامه أيضاً يعرض بالكاذبين.
( السابع ) : يظهر من قول الفاروق في ذيل الخبر الخامس ( إلاّ فيما يعمل به ) انّ نظره إلى منع نقل الاَحاديث الواردة في فضائل بعض الصحابة مخافة أفتتان الناس به ، فيوهن مقام الخلافة في قلوبهم. ويظهر من غيره انّ السبب في النهي هو الخوف من الكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عمداً أو غفلة.
( الثامن ) : يظهر من الخبر السادس انّ السبب في ترك تحدّث الصحابة هو كذب المستمعين ، وانّهم يزيدون على كلام واحد مائة. وهذا السبب الذي خافه ابن أبي وقاص يجب ان لا ننساه حتّى عند الاعتماد على أحاديث الصحاح الستة ، والله الهادي ، وقد مرّ في الخبر الاَول سبب آخر ،
__________________
(١) اضواء على السنة المحمدية ١١٤ ، مختلف الحديث لابن قتيبة ٤٩.
(٢) سير اعلام النبلاء ٢ : ٤٣٦.