لبلغتها. بهذا هلك أهل الكتاب قبلكم حين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون.
٨ ـ وعن تقييد العلم للخطيب البغدادي (١) عن أبي نضرة قال : قلت لاَبي سعيد الخدري : ألا بكتب ما نسمع منك؟
قال : أتريدون أن تجعلوها مصاحف؟ انّ نبيكم كان يحدّثنا فنحفظ.
٩ ـ وعن ابن عباس : كنّا نكتب العلم ولا نكتبه.
أي لا نكتبه لغيرنا أو لا نسمح أن يكتب عنا أحد.
١٠ ـ وعن أبي سعيد الخدري (٢) وكنّا لا نكتب إلاّ القرآن والتشهّد.
أقول : ومع هذا التأكيد على التشهد ـ حتّى نقل عن عبدالله بن مسعود أنّه قال : علّمني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم التشهد وكفّي بكفّه كما يعلّمني السورة من القرآن ـ فقد نقلت تسع صيغ للتشهّد ، فما بال غيره من أجزاء الصلاة وغيرها من الاَعمال غير المعمولة في كلّ يوم مرات (٣).
أقول : والمتتبّع يمكنه أن يجد شواهد غير ما ذكرنا على عدم كتابة الحديث والنهي عنها ومحو ما كتب من الحديث واحراقه ، ومع ذلك فانّ أصل المقصد وهو عدم تقييد الاَحاديث بالكتابة في القرن الاَول الهجري ومدّة بعده أمر مسلَّم لا يقبل الارتياب ، وهو من الواضحات التي لا تحتاج إلى دليل وشاهد.
ثم انّه ينبغي لنا أن نرجع النظر إلى تلك الشواهد ثانياً ونأخذ منها
__________________
(١) تقييد العلم : ٢٧.
(٢) تقييد العلم : ٩٢.
(٣) لاحظ تفصيل صيغ التشهّد التسع في ص٨٢ إلى ص٨٥ من كتاب أضواء على السنة المحمديّة.