بعض مطالب أُخر ، فمنها : انّ النهي في الخبرين الاَولين مطلق يشمل المؤلفين والمدونين حتّى في القرن الثالث من الهجرة ، فهل عصوا حكم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ أمر لا بدّ فيه من التأمّل.
ومنها : انّ احراق أبي بكر الاَحاديث انّما هو لاَجل اشتباه الرواة أو كذبهم في النقل ، فيعلم انّه كان قليل الرواية عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أو عديمها ، وإلاّ لم يكن وجه لاحراق ما سمعه عن النبي الاَكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ومنها : انّ الناس قد علموا بأهميّة كتابة الحديث ، فأشاروا بصحّتها أو لزومها على عمر ، لكن عمر ردّ مشورتهم ولم ينصرف عنها وحدها ، بل أمر أهل الاَمصار بمحو الاَحاديث التي كتبوها ، وهذا لا لاَجل نهي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإلاّ لم يكن للاستخارة في شهر واحد وجه ، بل مخافة شوب كتاب الله بغيره ، لكن عمر كان يعلم بانّ الاَحاديث لا تشوب بالقرآن ، وانّه كلام الخالق ، وبينهما بون بعيد وتفاوت شديد ، وهذا نهج البلاغة لعلي ، وهذه الكتب المدّونة في القرن الثالث من الصحاح والمسانيد والسنن قد شاعت وكثرت ولم يشتبه على أحد بالقرآن وآياته ، فالظاهر انّ لاجتهاده في عدم كتابة الحديث ولزوم محو ما كتب إلى انذاك في المدينة والاَمصار دليلاً آخر لم ير ذاك الوقت مصلحة في افشائه ، فأبدى وجهاً آخر لاقناع الناس المستشارين ، وهم الصحابة الاجلاّء بالطبع.
وقد اشرنا إلى منعه عن كتابة حديث واحد أراده النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لاَجل عدم ضلالة أُمّته بعده ، فهل يحتمل انّه أيضاً لئلا يشوب به القرآن؟
ومنها : انّ القاسم بن محمّد يخبر أنّ الاَحاديث كثرت على عهد عمر ولاَجله أمر بأحراقها ، فليعتبر المنصف بكثرة الاَحاديث في زمن خليفة مهيب متشدّد مثل عمر وخوفه منها حتّى أمر باحراقها ، ثم بكثرة الاَحاديث