وسبب شهادته أنه ترافع إليه رجلان ، فحكم لأحدهما على الآخر ، فغضب المحكوم عليه ، وذهب إلى قاضي صيدا ، واسمه « معروف الشامي » فأرسل القاضي إلى جبع من يطلبه ، وكان مقيماً في كرم له مدة ، منفرداً عن البلد للتأليف ، فقال له بعض أهل البلد قد سافر عنا. فخطر ببال الشهيد أن يسافر إلى الحج بقصد الاختفاء ، فسافر في محمل مغطى.
وكتب قاضي صيدا إلى سلطان الروم : أنه قد وجد ببلاد الشام رجل مبدع ، خارج عن المذاهب الأربعة ، فأرسل السلطان رجلاً في طلب الشيخ ، وقال له : ائتني به حياً حتى أجمع بينه وبين علماء بلادي ، فيبحثوا معه ، ويطلعوا على مذهبه ، فيخبروني ، فأحكم عليه بما يقتضيه مذهبي فجاء الرّجل فأخبر أن الشهيد قد توجه إلى مكة ، فذهب في طلبه ، فاجتمع به في طريق مكة ، فقال له : تكون معي حتى نحج بيت الله ثم افعل ما تريد ، فرضي بذلك.
فلما فرغ من الحج سافر معه إلى بلاد الروم ، فلما وصل إليها رآه رجل فسأله عن الشهيد ، فقال رجل من علماء الشيعة الإمامية ، أريد أن أوصله إلى السلطان ، فقال : أفلا تخاف أن يخبر السلطان بأنك قد قصرت في خدمته وآذيته ، وله هناك أصحاب يساعدونه ، فيكون سبب هلاكك؟ بل الرّأي أن تقتله وتأخذ رأسه إلى السلطان ، فقتله في مكان من ساحل البحر ، ودفن هناك ، وأخذ الرّجل رأسه إلى السلطان ، فأنكر عليه ، وقال : أمرتك أن تأتيني به حياً ، فقتله.
الشهيد والتمهيد
جمع الشهيد في هذا الكتاب بين فني : تخريج الفروع على الأصول ، وتخريج الفروع على القواعد العربية ، وبحق أن هذا الكتاب هو أفضل الكتب