أما الجواب على السؤال الرابع :
فيمكن أن نعرفه من نتيجة الأمر ، لأن الخليفة ـ وكما عرفت ـ كان يخاف أن تبقىٰ هذه الصحيفة بيد الصحابة لاحقاً ( فدعا بنار فحرقها ) ، لأن دفن الأوراق تحت الأرض لا يفيد ، لإمكان الحصول عليها لاحقاً ، ولاحتمال بقاءها سالمة بعد زمن تحت الأرض ، وهذا ما حصل بالفعل ، إذ يقف الأثريون ـ عادة ـ في حفرياتهم علىٰ أمثال ذلك.
ومثله الحال بالنسبة إلى عدم محوه بالماء ، لاحتمال أن يبقى فيه أثر من الكتابة ، وهذا ما لا يريده الخليفة ، فاتخذ أسلوب الحرق لكي لا تبقىٰ جذور لتلك المرويات عند المسلمين.
وبنظرنا أن الخليفة لم يبد الأحاديث الخمسمائة الموجودة عنده فحسب ، بل رسم منهجا يسير عليه الخلفاء وقسم من الصحابة من بعده ، إذ قال الزهري : ( كنّا نكره التدوين حتىٰ أكرهنا السلطان على ذلك ) (١) ، أي أن المنع والتدوين كلاهما كانا بيد السلطان ، فالشيخان
__________________
(١) سنن الدارمي ١ / ١١٠ ، وانظر : تقييد العلم : ١٠٧ ، الطبقات الكبرى ٢ / ٣٨٩ ، البداية والنهاية ٩ / ٣٤١.