لقول ابن أبي ملكية : ( جمع الصدّيق الناس بعد وفاة نبيهم ... ) ، يرشدنا إلى وجود سرّ في نقله صلىاللهعليهوآله لهذا الأمر ، وهو وكما قاله البيهقي في كتاب دلائل النـبوة : ( إنه من أعظم دلائل النبوة وأوضح اعلامها ).
نعم إن رسول الله لم يكن يرتضي هذا الاتجاه ، لقوله في بعض تلك الأخبار : ( لا اعرفن ) ، وفي أخرى : ( لا الفين ) ، ثم تعقيبه لها بالقول ، ( ألا واني والله قد أمرت ووعظت ونهيت عن أشياء ، أنّها لمثل القرآن) (١) ، وفي آخر ( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله ) (٢) ، وفي ثالثة : ( ألا إن ما حرمته هو ما حرمه الله ) ، وغيرها.
وعليه ، فإن موقف الخليفة في التحديث والتدوين قد أحدث اتجاهاً وتياراً عند الصحابة ، فكان البعض لا يرتضي التحديث إلاّ عن القرآن ، والآخر يحدّث بالسنة.
فجاء عن عمران بن الحصين أنه كان يحدّث الناس عن رسول الله ، فقال له شخص : يا أبا نجيد ، حدّثنا بما قاله القرآن ، فأجابه ـ بشرح طويل ـ بأن ليس هناك حكم مفصل واحد في القرآن ، وأن
_________________
(١) الإحكام لابن حزم ١ / ١٥٩.
(٢) مسند أحمد ٤ / ١٣١ ، سنن أبي داود ٤ / ٤٦٠٤.