من أقرمطي بنوع آخر من الدقطمين ، ورقه يشبه ورق الصف من النمام الذي يقال له سنسنريون إلا أن أغصانه أكبر من أغصانه ، وفي أطرافه شبه بزهر اوربغانس الذي ليس ببستاني أسود اللون ناعم ورائحة ورقه فيما بين السنسنريون ورائحة النبات الذي يقال له الاسفاقس ورائحته طيبة جدا ، ويفعل كما يفعله الدقطمين إلا أنه أضعف منه ، وقد يقع في أخلاط المراهم النافعة من نهش الهوام ، وأما (١) مالا ميسي وهو الفودنج النهري فمنه ما هو أولى بأن يقال له جبلي ، وهو ذو ورق شبيه بورق الباذروح ، وله أغصان وقضبان مزواة وزهر فرفيري ، ومنه ما يشبه غليجن غير أنه أكبر منه ، ولذلك سماه بعض الناس غليجنا بريا لأنه شبيه بما وصفنا في الرائحة أيضا ، وأهل رومية يسمونه بباطن ، ومنه صنف ثالث يشبه النعناع الذي ليس ببستاني إلاّ أنه أطول ورقا منه وساقه أكبر من ساق النوعين الآخرين وأغصانهما وقوته أضعف وورق جميع هذا الأصناف حريف الطعم يحذي اللسان حذيا شديدا وعروقها لا ينتفع بها وتنبت في صحاري وفي مواضع خشنة ومواضع فيها مياه ، وإذا شربت أو تضمد بها نفعت من نهش الهوام ، وإذا شرب طبيخها أدر البول ونفع من رض العضل وأطرافها وعسر النفس الذي يحتاج معه إلى الانتصاب والمغص والهيضة والنافض ، وإذا تقدم في شربها بالخمر وافقت من السموم القتالة وهي تنفع اليرقان ، وإذا أخذت مطبوخة أو نيئة فدقت وشربت بالعسل والملح قتلت دود البطن الذي يقال له المنيشق وهو الدود الطوال والدود الذي يقال له شفاريدوس ، وإذا أكلت وشرب من بعدها ماء الجبن نفعت من داء الفيل ، وإذا احتمل ورقها مسحوقا قتل الأجنة وأدر الطمث ، وإذا دخن بورقها مسحوقا طرد الهوام ، وإذا افترش فعل ذلك أيضا وهي إذا طبخت بشراب وضمد بها شبهت آثار القروح السود بالبدن وهي تذهب لون الدم الميت الذي يعرض تحت العين ، وقد يتضمد بها لعرق النسا فتحرق الجلد وتنقل العضو عن تلك الحال ، وعصارتها إذا قطرت في الأذن قتلت الديدان المتولدة فيها. جالينوس في ٧ : طبيعة هذا الدواء لطيفة ومزاجه حار يابس ومرتبته في هذين النوعين كأنه في الدرجة الثالثة ، والدليل الواضح على ذلك طعمه ومما يعرف من أمره بالتجربة وذلك أن طعمه فيه طعم حدة وحرافة وحرارة بينة ، وفيه شبيه بالمرارة اليسيرة ومن جربه حين يعالج به البدن وجده أنه متى وضع على البدن من خارج وهو مسحوق أسخن في أول الأمر ولذع وسحج الجلد ، ثم أنه آخر الأمر يجرح ، وإن شرب وحده وهو يابس في ماء العسل أسخن إسخانا بينا ويدر العرق ويحلل ويجفف البدن كله ، ومن أجل ذلك قد استعمله قوم في مداواة النافض الكائن بدور ، ومن خارج يطبخونه بالزيت ويدهنون به البدن كله ويدلكونه دلكا شديدا واستعملوه أيضا من داخل بأن يسقوه على ما وصفت وقوم آخرون يضعونه على الورك إذا كان الإنسان بوجع عرق النسا فيضمدونه به على أنه دواء عظيم المنفعة لأنه يحدث حرارة من داخل البدن ويسخن المفصل كله إلا أنه يحرق الجلد كله إحراقا بينا ، ويدر الطمث ويحدره إحدارا قويا إذا شرب وإذا احتمل من أسفل وهو أيضا من الأدوية النافعة جدا لأصحاب الجذام لا من طريق أنه يحلل الأخلاط اللطيفة فقط تحليلا قويا ، لكن من طريق أنه مع هذا مقطع ملطف جدا للأخلاط الغليظة تقطيعا وتلطيفا شديدين ، وهذه الأخلاط هي المولدة لهذا الوجع ، ولذلك أيضا من شأنه
__________________
١) نخ مالاميني وهو الفودنج النهري وهو الصومران وحبق التمساح أيضا.