ثم تطبخ اللبن طبخا ينقص فيه مائيته وينزل عن النار ويستعمل ، وأما نحن فقد استعملنا مكان هذه الحجارة الحديد المستدير النقي من الصدأ فوجدناه أجود منها لقبضة اليسير وجميع الألبان نافعة للرمد في العين الكائن عن النوازل الحارة وربما جعلناه على الأجفان إذا كان المريض يريد النوم ، وإن صيرنا معه دهن ورد وشيئا من بياض البيض وجعلناه على الأجفان الورمة نفعها ، وينبغي أن يكون اللبن الذي يستعمل في هذه طريا كما حلب وكثيرا ما تحقن به الأرحام ذوات القروح إما وحده أو مخلوطا بأدويتها الموافقة لها ، ولذلك ينفع القروح في المعدة إذا حدثت عن خلط حار لذاع انصب إلى ذلك الموضع ، وكذا ينفع من البواسير وقروح المعدة والأنثيين من خلط حاد لذاع ، وبالجملة فنحن نستعمله في كل الأورام اللذاعة والقروح السيالة من كثرة الرطوبة اللذاعة فيها ، وإذا خلط به بعض الأدوية المسكنة مثل الدواء الذي يوجد في الأتانين التي يذاب فيها النحاس نفع من القروح السرطانية وسكن وجعها ، وإذا تمضمض به من كان في فمه قروح نفعها وينفع من أورام اللوزتين واللهاة وإذا كان جوهره لينا بريئا من اللذع فيحق أن يسكن الأوجاع وخاصة إذا هو طبخ فإنه حينئذ يكون بالغ المنفعة في تسكين الأوجاع ولذا يسقييه كثير من الأطباء لشارب الدواء القاتل مثل الذراريح وما أشبهه فيصيبون في مداركتهم له باللبن. ديسقوريدوس في الثانية : اللبن كله جيد الكيموس مغذ ملين للبطن نافخ للمعدة والأمعاء ولبن الربيع أكثر من لبن الصيف ولبن الحيوان الذي يرتعي النبات الطري أرطب من المرتعي اليابس والجيد منه الشديد البياض المستوي الثخن ، وإذا قطر على الظفر كان مجتمعا لم يتبدد ، وإذا ارتعى الحيوان شجر السقمونيا والخربق أو النبات المسمى قليماطين أفسد لبنه المعدة والأمعاء كالذي رأينا في الجبال التي يقال لها أرسطو فإن المعز ترتعي ورق الخربق الأبيض ويعرض لها في أوّل ما ترتعي أن يكون لبنها مرخيا للمعدة مغثيا وكل لبن إذا طبخ عقل البطن وخاصة إذا نشف ماؤه بحصى محمى أو حديد ، وقد ينفع من القروح الباطنة وخاصة التي في الحلق وقصبة الرئة والأمعاء والكلى والمثانة ومن حكة الجلد ومن الشري والحصف والبثر وفساد الجسد بالكيموسات الرديئة وقد يستعمل اللبن الحليب مخلوطا بعسل فيه شيء يسير من الماء والملح ، وإذا غلي غلية واحدة ذهبت نفخته وإذا طبخ بالحصى المحمى إلى أن يصير إلى النصف نفع من إسهال البطن ومن قرحة الأمعاء واللبن الحليب يصلح للحرقة واللهيب العارض من الأدوية القتالة كالذراريح التي يقال لها فساريدس والتي يقال لها فسطيون والتي يقال لها بيريسطس والدواء الذي يقال له أسطارون وهو الفطر ، ولبن البقر من الألبان ملائم لهذه الأدوية وقد يتمضمض باللبن لقروح الفم ويتغرغر به للقروح العارضة في جوانب الحنك ولبن البقر والمعز والضأن إذا طبخت بالحصا المحمى قطعت الإسهال العارض من قروح الأمعاء ويسكن الزحير وقد يحتقن به وحده أو بماء الشعير أو بماء الصنف من الحنطة التي يقال لها حندروس فيسكن لذع الأمعاء ، وقد يحتقن به أيضا لقروح الرحم ولبن النساء أجلى وأغذى من سائر الألبان وإذا سقي منه شفى لذع المعدة وقرحة الرئة ومن سقي الأرنب البحري وقد يخلط به كندر مسحوق وقد يقطر في العين التي قد عرض لها طرفة أو قرحة ، وإذا خلط به عصارة الخشخاش الأسود وموم بزيت