ما لقيت في سبيله من التعب ، وما تكيدني في إصداره من النصب أولا ترغيب مولاي الحجة الذي هو دليلي على المحجة : فرع الشجرة النبوية ، وثمرة الدوحة المباركة الأحمدية ، بطل العلم والفقه والنهى ، آية الزهد والتقى ، رجل البحث والتنقيب ، أستاذنا في التفسير ، سماحة الآية « السيد محمد كاظم الموسوي الگلپايگاني » أدام الله ظله على رؤوس الأقاصي والأداني حيث حثني على القيام بهذا المشروع في مجالس عدة وأمرني بالاقدام مرة بعد مرة ، فتأملت طويلا ، وارتأيت كثيرا فرأيت الامر خطيرا ، والبائع قصيرا ، فقلت في نفسي ما قال الشاعر ولنعم ما قال :
قبيح أن تبادر ثم تخطي |
|
وترجع للتثبت دون عذر |
فاعتذرت إلى جنابه بتعسر العمل وتوعر مسلكه وثقل كلفه ، وأنه فادح عبؤه يحتاج إلى عمر جديد ، وأمد بعيد ، وقلت : ها أنا ذا قد بلغت زهاء الخمسين ، واقترب الأجل ، وإن لم أكن من مجيئه على وجل ، لكن ذهبت منتي ، ونزعت قوتي ، ولم تبق إلا حشاشة نفسي ينتظر الداعي ، وصرت معرضا لحدوث الأوجاع والأدواء ، ومن كثرة المطالعة والمراجعة يكاد أن يذهب من العين الضياء ، فلم يقبل عذري ، ولم يصغ إلى قولي وخاطبني ويقول : ما بالك ادرعت بالأوهام ، وليس هذا شئ يحجمك عن الاقدام ، وما ذلك دأب الحازمين ، ولا هو من شيم العاملين.
ثم أكد الامر وبالغ في التأكيد ، ورغبني بأجمل الترغيب ، وحذرني عن التثبط والتأخير.
فكنت أغدو وأروح في فجوة الخيال ، وعاقني عن الاقدام تبلبل البال وتزاحم الاشغال : عذت تارة بالتسويف رعاية أمر لا يخفى على إخواني ، ولذت أخرى بقصر الباع خوف أن الامر مما يفوت مسافة إمكاني ، ومضت على ذلك شهور ، حتى ساقني الحظ السعيد يوما إلى ملاقاته فاستفسر عن طبع الكتاب وما يلزمه من تهيئ الأسباب فأعربت عما في خلدي وما كنت فيه من يأسي ، واستعفيت منه ، فطفق يشافهني بكلام فما أحلاه ، كلام بعث في قلبي بعوث النشاط ونفث في روعي روح الحياة ، كلام يعرب عن مكانته السامية في الولاء ، وتفانيه في محبة أهل البيت ، ويفصح عن شدة اشتياقه